للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فى أنّه يَنصب لهم أشراكَ الضلال ليقعوا فيها. وإِن لم يكن هذا نصًّا فيما ذكرنا، فما ورد الشرعُ بنص في حكمٍ أصلًا.

ومنها قوله تعالى: {وجعلنا على قلوبهم أكنه أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا}. ولها نظائر في سورة الكهف وغيرها. وهي في معنى قوله: {ختم الله على قلوبهم}؛ وقد سبق.

ومنه قوله تعالى، عقيب قولهم: {يا ليتنا نرد ولا نكذب}، {ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون}. ومن المحال أنهم يعودون لما نُهوا عنه بعد معاينتهم النارَ ومشاهَدة أمور الآخرة، إلاّ بأن يُنسيهم ملك ويَضطرّهم إِلى الكفر والمعاصي؛ وهو إِضلالٌ لهم بالتسببِ أو المباشرةِ؛ وهو المطلوب. وقد سبق.

واعلم أنّا قد قدّمنا أنّ بعض المعتزلة غلا في وجوب رعاية الأصلح، حتى التزم أنّ دخول الكفّار النارَ أصلح لهم. قلتُ: ولا يتّجه في ذلك مصلحةٌ، إِلاّ أن يكون هذا القائل شذ عن أصحابه، وتخيل أنّ العالم يعود دورًا آخر إِلى دار التكليف؛ فيكون قد تأدّب بالنار، حتى إِذا كُلِّف ثانيًا أطاع. وهذه الآية ونحوها تردّه من وجهين:

أحدهما: أنها تضمَّنت أنهم يَسألون أن يُردوا، فلا يُجابون؛ بدليل قوله: {ولو ردوا لعادوا}؛ فاقتضى امتناعَ العودِ، لامتناع الردِّ على ما هو مقتضَى "لو".

الثاني: أنّه، على تقدير الرد، أخبر أنهم يعودونه للكفر؛ فلا يَنفعهم التأديبُ.

ومنها قوله تعالى: {ولو شاء الله لجمعهم على الهدى}. وقد سبق الاستدلالُ بها في جواب الرسالة.

ومنها قوله تعالى: {والذين كذبوا بآياتنا صم وبكم في الظلمات من يشأ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم}.

<<  <   >  >>