للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومنها: {فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتى فإذا هم مبلسون}؛ أي: آيسون متحسرون. وهذا معنى قوله: {سنستدرجهم من حيث لا يعلمون}. قيل: "معناها: كلّما جَدَّوا معصيةً، جَدَّدنا لهم نعمةً". وهذا مكرٌ مِن الله بهم، كمكرِ الصائدِ بالصيد حتى يصيده. وهو إِصلالٌ بالخلقِ والتسبب؛ لأن خالق السببِ خالقُ المسبب؛ ولا خالق إِلاّ الله.

ومنها قوله تعالى: {وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا}.

قلتُ: كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يجالِس المستضعَفين مِن المؤمنين، كبلالٍ وعمّارٍ وصهيبٍ وسلمان. فازدَراهم الكفّارُ، وقالوا: "هؤلاء مَنَّ اللهُ عليهم مِن بيِننا! لو كان هذا الأمر حقًّا، لما خُص به هؤلاء". وكان ذلك فتنةً مِن الله لهم؛ كقول قومِ نوحٍ له: {ما نراك إلا بشرا مثلنا وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادى الرأى وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين}.

ومنها قوله تعالى: {قل إن هدى الله هو الهدى وأمرنا لنسلم لرب العالمين}. والاستدلال بها ها هنا أقوى منه بالتي في البقرة وآل عمران، بدلالة ما في سياقها.

ومنها قول إِبراهيم، حين رآى القمر بازغًا، ثمّ أَفَلَ: {قال لئن لم يهدنى ربى لأكونن من القوم الظالمين}. وتأويله على "لئن لم يَلطُف لى حتى أهتدي"، لا دليل عليه. واللفظ وافٍ بمقصود أهل السنّة. وقال بعده: {وحاجة قومه قال أتحاجونى في الله وقد هدان}؛ فَنَسَب الهدايةَ إِلى الله سبحانه.

ومنها قوله تعالى: {ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلا هدينا ونوحا هدينا من قبل}، إلى

<<  <   >  >>