قوله:{واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم ذلك هدى الله يهدى به من يشاء من عباده}، إِلى قوله:{أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتدى}.
ومنها قوله سبحانه:{ولو شاء الله ما أشركوا وما جعلناك عليهم حفيظًا وما أنت عليهم بوكيل}. ومشيئة الله سبحانه إِرادتُه، وتعلُّقها بالمرادات موجِبٌ لوقوعها، بشرط تأثير القدرة فيها؛ لئلاّ تتناقَض مقتضياتُ صفاته تعالى؛ وهو محالٌ، كما سبق. وبهذا يندفِع قولهم، "لو شاء مشيئة إِلجاءٍ"؛ فإِنّ على ما قررناه لا تكون مشيئتُه ِلاّ ملجِئةً موجبِةً.
ومنها قوله سبحانه:{كذلك زينا لكل أمة عملهم}. أي حَسًّنّاه في نفوسِهم، ليعملوه. والميل إِلى ما زَيّنه اللهُ سبحانه واجِبٌ، كما قال:{زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين}. وعلى ذلك تُقَطَّع الأعناقُ. وسبب ذلك أنّ الله سبحانه خَلَقَ الطِباعَ، وعَلِم ما تميل إِليه ميلًا واجبًا؛ فخلَقَه لها. فصار ذلك بمثابة من يُقرب الحطبَ من النار، والحديدَ من المغناطيس. فإِنّه بالضرورة يؤثِّر فيه، مع زوال المانع. وعكسُ هذه الآية قولُه تعالى للمؤمنين:{ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان}. الآية.
ومنها قوله تعالى:{قل إنما الآيات عند الله وما يشعركم إنها إذا جاءت لا يؤمنون}؛ على قراءة مَن كَسَرَ الهمزةَ، وهو أبو عمروٍ وأبو بكرٍ، عن عاصمٍ. فإِنّه قد أَخبر أنهم لا يؤمنون عند مجيء الآياتِ. ومعلومُ اللهِ واجبُ الوقوعِ، كما سبق غير موضعٍ.