للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{فتحنا عليهم أبواب كل شئ}، تفصيلٌ لقوله: {سنستدرجهم من حيث لا يعلمون}. وهذا إِما إِضلالٌ حقيقىٌّ، أو تَسبٌ إِليه. وكلاهما قبيحٌ عندهم؛ فكان الواجب انتفاؤه، لأنّه أصلح.

ومنها قوله تعالى: {أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم ونطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون}. والاستدلال لمِثلِه سبق. وبعده، } كذلك يطيع الله على قلوب الكافرين}.

ومنها قوله موسى: {إن هي لأفتنتك تضل بها من تشاء وتهدى من تشاء}. فأقرَّه اللهُ على ذلك. وقد سبق أنّه قال له: "أنت حكيم الحكماءِ"، حيث اعتَرَف بالقدر، وأنّ لا خالق إِلاّ الله.

ومنها قوله: {إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذلك نبلوهم}. وهذا اضطرارٌ سَبَي؛ فليَجُر الاضطرارَ الخَلقيَّ، لاستوائهما في الاضطرار. ومَن زعَم أنّ هذا ليس باضطرارٍ، فهو كمن أَلَقى حطبًا في النار؛ فاحتَرَق؛ ثمّ قال: "ما أحرَقتُه". ولا فرق بينهما، إِلاّ إِرادة الإِنسان الاختياريّة؛ وهي مسخَّرةٌ لله سبحانه، مصَرَّفةٌ فيما يريد.

ومنها قوله سبحانه: {وإذ أخذ ربك من بنى آدم من ظهورهم ذريتهم}، إِلى قوله: {أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين}. ووجه الاستدلال بها أنّه أَخَذ ميثاقَهم، ثمّ أنساهم إِياّه؛ فهم اليوم يَفعلون ما كان منهم غير ذاكِرين للميثاق؛ بل أكثرهم منكِرٌ له. ولعلّهم لو ذَكَروه، لَوَفُوا به. فهُم الآن غافلون عنه، بل جاهلون به قطعًا. ثمّ يوم القيامة يُذكرهم إِيّاه؛ ثمّ يُعاقِبهم. وهذا تكليف ما لا يطاق قطعًا. فليكن خلقُ الأفعالِ

<<  <   >  >>