للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قلتُ: فحيث يَطلب مقدّمات قاعدتِه، لم تصحّ له الدعوى في فروعها؛ وهو صحّة صومِ الفرضِ بنيّةٍ من النهار، أو بمطلَق النيةِ. وهذه الصورة أسهل؛ لأنّ قرينة رمضان تعيّن المطلقة بما وَجَب في الشرع.

وقوله، "إِنّ الصوم يكون عادةً وعبادةً؛ فوجب أصل النيّةِ للتمييز"، كلامٌ صحيحٌ. لكنّه يَلزمهم في اشتراط النيّة للوضوء؛ ولم يقولوا به هناك. ونحن اشترطناها بغير هذا التقرير، كما سبق. وقرّر الزنجاتيُّ مذهبَهم في هذه المسألة بغير هذا التقرير، وإِن قَرُبَ منه في حالٍ ما. وذلك أنّ الصوم عبادةٌ قُصِدَ بها إِلحاقُ المشقةٍ بالمكلَّف. ومشقّة الصوم إِنما تَلحَق غالبًا بعد مضي جزءٍ صالحٍ من النهار؛ لأنّ الإِنسان يُصبِح شعبانَ ريّان؛ فإِذا تعالى النهارُ، انهضم الطعامُ، وتراقت الأبرخةُ من المعدة إِلى الفم؛ فحصلَت مشقّةُ الجوع والعطش. فحينئذٍ، يتحقّق وجودُ مقصودِ العبادة، وهو المشقّة. فاعتُبرت قبل الزوال، لا ليلًا. ةوهذا، على ما فيه، أصلح من الأوّل.

ومعتمَدنا في اشتارط النيّة قبل طلوع الفجر أنّ الصوم عبادةٌ محضةٌ؛ فاشتُرطَت لها النيّةُ تمييزًا لها من العادة والتداوى، كما سبق. وشأن الشرطِ أن يعُمَّ أجزاءَ المشروط؛ كما قلنا في نيّة الوضوء: يجب تقدُّمُها على أوّل واجبات الصلاة. فأمّا الاكتفاء بسوم الماء ... السنة، مع أنّه شرطٌ لوجوب الزكاة فيها، فخارجٌ عن قاعدة الشروط، لعارض طلب الاحتياط للفقراء.

فأمّا قوله عليه السلام، "لا صيام لمن لم يُبيِّت الصيامَ من الليل"، وفي لفظٍ، "مَن لم يُبيِّت الصيامَ من اليل، فلا صيام له"، فهو من أدلّتنا في المسألة. لكنّه متردِّد الدلالةِ، من جهة أن"؛

<<  <   >  >>