الكتاب قبل أن يخلق فلابد منها، فجزعه لا يزيده إلا بلاء.
الثالث: أن يعلم أن الله قد ارتضاها له واختارها وقسمها، والعبودية تقتضي رضاء العبد بما رضي له به سيده ومولاه.
الرابع: أن يعلم أن هذه المصيبة ما جاءت لتهلكه، وإنما جاءت لتمتحن صبره، فيتبين حينئذ هل يصلح لخدمة مولاه وجعله من أوليائه الصابرين وحزبه المفلحين، أم ممن ينقلب على وجهه، وينكص على عقبيه؟ وما بين منزلة الصبر والجزع إلا ساعة ويقلع هذا. وهذا يقع على الصابرين بأنواع الكرامات والخيرات، وعلى أهل الجزع بالحرمان والخذلان.
الخامس: أن يعلم أن هذه المصيبة دواء نافع ساقه إليه الطبيب الرحيم، فليصبر على تجرعه ولا يتقيأه بسخطه وشكواه، فيذهب باطلاً.
السادس: أن يعلم أن في عقبى هذا الدواء من الشفاء والعافية والصحة وزوال الألم ما ر يحصل بدونه، فإذا طالعت نفسه كراهة هذا الدواء، ومرارته، فلينظر إلى عاقبته وحسن تأثيره. قال تعالى:"وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون" ٢/ ٢١٥.
السابع: أن يعلم أن الله يربي عبده على السراء والضراء، والنعمة والبلاء، فيستخرج منه عبوديته في جميع الأحوال، فأما عبد السراء والعافية الذي "يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين" ٢٢/ ١٠. فلا ريب أن الإيمان الذي يثبت على محك الابتلاء والعافية هو الإيمان النافع، فالابتلاء كير العبد ومحك لايمانه، فإما أن يخرج تبراً أحمر، وإما أن يخرج زغلا محضاً، وإما أن يخرج