وقد صرح في "الاختيارات" ف نقل هذه المسألة عن الشيخ أنه قال: ويقوم ذلك الغير فيها مقام المؤجر، وهذا القول هو اختيار صاحب "الفائق" فإنه قال: ظاهر كلام أصحابنا عدم صحة إيجار المشغول بملك غير المستأجر، وقال شيخنا: يجوز في أحد القولين، وهو المختار.
وصرح ابن القيم بعدم الصحة، ذكره في كتاب الحيل في "إعلام الموقعين" وهو مخالف لما ذكره شيخه في مسألة القصب. ولعل ما خطر ببال هذا القائل من كلام الأصحاب، حصل من قولهم: يصح إجارة المضاف، سواء كانت مشغولة أو لا، ولم يفرقوا بين كونها مشغولة بملك المستأجر أو غيره، ولم يصرحوا أنه يشترط فيما إذا كانت مشغولة فراغها عند دخول مدة الثاني، وإذا جاز عند دخول مدة الإجارة أن تكون مشغولة بملك غيره، ويكون الحكم فيما إذا عقد عليها وهي مشغولة، ويكون ما قاله الشيخ في مسألة القصب: إن المستأجر يقوم مقام المؤجر، والذي ينبغي حيث قلنا بالصحة أنه لابد من قدرة المستأجر على أخذها ممن هي مشغولة لملكه، كما قالوا في بيع المغصوب من غير غاصبه: إنه لا يصح إلا إذا كان قادرا على أخذه منه، وأقل أحوال هذا أن يكون كذلك، فتلخص أن في المسألة خلافاً، واختلفوا في الراجح، فالمصنف يقول بعدم الصحة وأنه مراد الأصحاب، وفي "الفائق" هو ظاهر كلامهم، والثاني: يصح، وهو الذي خطر ببال بعضهم من كلام الأصحاب على ما ذكره المصنف، وقال في "الفائق": وهو المختار، وهو مقتضى كلام أبي العباس في مسألة الغصب، وكذا قد ذكر في "الاختيارات" هذه المسألة، إلا أنه قال: وله أن يؤجرها لمن له فيها القصب، وكذا لغير على الصحيح، ويقوم ذلك الغير فيها مقام المؤجر.
وظاهر كلام أشياخ مذهب أحمد في إجارة المضاف، أن الأرض إذا كانت مؤجرة للغراس مدة، وأجرها لغير صاحب الغراس المدة التي تلي