إن جبرائيل أتاني فأخبرني أن فيهما قذراً " رواه أبو داود. ولو كانت طهارتهما شرطاً مع عدم العلم بها، لزم استئناف الصلاة. وإن كان قد علم النجاسة، ثم نسيها وصلى، فقال القاضي: حكى أصحابنا في المسألة روايتين، وذكر هو في مسألة النسيان: الصلاة باطلة، لأنه منسوب إلى التفريط، بخلاف الجاهل بها، وقال الآمدي: يعيد إذا كان قد توانى، رواية واحدة، والصحيح التسوية بينهما، لأن ما عذر فيه بالجهل، عذر فيه بالنسيان، بل النسيان أولى.
وإن علم بالنجاسة في أثناء الصلاة، فإن قلنا: لا يعذر بالجهل والنسيان، فصلاته باطلة. وإن قلنا: يعذر به، فصلاته صحيحة، ثم إن أمكنه طرح النجاسة من غير زمن طويل، ولا عمل كثير، ألقاها وبنى، كما خلع النبي صلى الله عليه وسلم نعليه حيث أخبره جبريل عليه السلام بالقذر فيهما.
وإذا سقطت عليه نجاسة فزالت عنه، أو أزالها في الحال، لم تبطل صلاته، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما علم النجاسة في نعليه خلعهما وأتم صلاته، وهذا مذهب الشافعي. انتهى.
قال ابن القيم في "الإغاثة": "روى الدارقطني في سننه، في حديث الخلع كذلك من رواية ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن جبريل أتاني فأخبرني أن فيهما دم حلمة" والحلم: كبار القراد. انتهى. ونقل عن البلباني طهارة الحلمة إن لم تكن مخلوقة من حيوان نجس، وهذا ظاهر كلام "الغاية" بقوله: أصالة، لا كسبا. وميل شيخنا إلى نجاستها، كما عبر به ابن القيم في "الإغاثة".
يجوز للمرأة ضفر شعرها وإن كانت جنباً، لأنه لا يلزم نقضه لغسل الجنابة، بخلاف الحيض ونحوه لكن لابد أن تروي أصوله، سواء ضفر بعد لزوم الغسل أو قبله، أشار إليه في "المستوعب" قاله شيخنا.