أجاب الإمام النووي: إن أبرأه براءة استيفاء، لم يصح ولم تبرأ ذمته. انتهى.
ومن أجوبة له أيضا: وقد اتفق أصحابنا ونصوص الشافعي عليه فيما إذا غصب حنطة أو زيتاً أو غيرهما وخلطه بماله، قالوا: يدفع إليه من المختلط قدر حقه، ويحل الباقي للغاصب. وأما ما يقوله بعض العوام: اختلاط الحلال بالحرام يحرمه، فهذا باطل لا أصل له. وإذا أخذ مكاس من إنسان دراهم فخلطها بدراهم المكس، ثم رد عليه قدر دراهمه من ذلك المختلط، لا يجوز له ذلك إلا أن يقسم بينه وبين الذي أخذت منه بالنسبة.
وإذا سرق صبي مالا وسلمه لأبيه، ومات أبوه ولم يخلف شيئا، وبلغ الصبي وليس لأبيه تركة يؤخذ منها بدل المسروق، وجب على الابن ضمانه، لأنه من أهل الضمان في غرامة المتلفات. انتهى.
ما يقول السادة العلماء في مدينة لا يذبح فيها شاة إلا ويأخذ المكاس سقطها ورأسها وكوارعها مكسا، ثم يضع ذلك ويبيعه في الأسواق، وفي المدينة من لا يمتنع عن شراء ذلك وأكله من أهل المدينة وغيرهم، وليس يباع في المدينة رؤوس وأكارع وأسقاط غير هذا ولا يمكن غير ذلك، فهل يحرم شراء ذلك وأكله والحالة هذه أم لا؟ أفتونا مأجورين.
فأجاب أبو العباس تقي الدين بن تيمية: هذه الأمكاس التي ذكرتم، حكمها حكم ما يأخذه الملوك من الكلف التي ضربوها على الناس، فإن هذه في الحقيقة تؤخذ من أصحاب الغنم الذين يبيعونها للقصابين وغيرهم، فإن المشتري يحسب أنه يؤخذ منه السواقط فيسقط من الثمن بحسب ذلك، وهكذا جميع ما يؤخذ من الكلف، فإنها وإن كانت تؤخذ