الشبهات أثر عظيم في صلاح القلب وتنوره، كما أن تناوله يكسب إظلامه، وإليه يشير قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث:"ألا وإن في الجسد مضغة" الحديث. ولهذا كان الأرجح لمن في يده مال في بعضه شبهة، أن يصرف لقوته ما لا شبهة فيه، ويجعل الآخر لنحو كسوة إن لم يف الأول بالجميع، لما في أكل الشبهة من التأثير في قساوة القلب، لامتزاج القوت باللحم والدم، فليحذر سالك طريق الآخرة الشبهة. انتهى.
وقول السائل كثر الله فوائده: وحيث حرم أخذه، فأراد رجل رتب له إلى آخره.
جوابه: إنه لا تبرأ ذمته به.
قوله: وهل يلزمه الإعلام إلى آخره.
جوابه: إنه إذا أعلمه بحقيقة الحال، وأبرأه براءة إسقاط لا براءة استيفاء، برئت ذمته من دين القرض لا من دين الغصب، وحاله حينئذ شبيهة بحالة من أصابته نجاسة مخففة فحاول إزالتها بملابسة ما هو أغلظ منها، لأن دين القرض ثبت برضى مالكه، بخلاف دين الغصب، فإنه بوضع يده عليه يصير ضامنا ضمان الغصب.
وقوله: وهل إذا قبض شيئا وعلم أربابه إلى آخره.
جوابه: إنه حيث علم، وجبت المبادرة بالدفع لهم، وحيث رجي العلم، وجب البحث عنهم حسب الطاقة، لأنه طريق إلى براءة ذمته الواجبة عليه، ووسائل حكم المقاصد، ونسأل الله التوفيق لمزاولة مناصحة النفس قبل مشارفة الحلول بالرمس، والله أعلم. انتهى.
إذا كان عليه دين وأوفاه من مال حرام، فأبرأه صاحب الدين ولم يعلم أن المال الذي استوفاه حرام، هل تصح براءته ويسقط، أم لا؟