وإلا فلا، ابن مسعود قد حول الجامع إلى المسجد من التمارين. فإن كان على المنفعة فلا بأس. قال: وإذا كان هذا نصه على نقل المساجد عند رجحان المصالح، بحيث يشرع ذلك تارة لعلة قذارة طريقه، وتارة لضيق المسجد بأهله مع إمكان أن يبنى إلى جنبه مسجد آخر، . وفي حالة خوف من اللصوص، فقد جوز ذلك لهذه المصالح المقتضية من التحويل، مع كونها أوقافا معتبرة، كان هذا قطعا من نصه لا محالة، وحيث اعتمد في نصه على ما رواه عن عمر من أمره بنقل المسجد، وصار موضعه سوقا للتمارين. وهذا من أعظم المناقلات.
ولا يقال: نقل المسجد لا يدل على خروج الأول عن كونه مسجدا، لأنه يقال: هذا اعتراض ضعيف، لأنه زال عن الأول مسمى المسجد.
فحيث أمر ابن مسعود بنقل المسجد، ونقله، وحيث نص أحمد على نقل المسجد فقد تضمن ذلك زوال كون المنقول مسجدا، وانتقال عرصته إلى حكم آخر يحققه وجهان:
أحدهما: أن المسجد الذي نقله ابن مسعود صار موضعه سوقا للتمارين، وهذا يحيل بقاء عرصة الأول على حكم المسجد، لتنافي اجتماع الأسواق مع المساجد كما هو معروف.
الثاني: إن أصحاب أحمد سوغوا بيع المسجد لعلة ضيقة كما سنذكره من أقوالهم. ومحال أن يبقى حقيقة المسجد وقفا بعد بيعه.
الوجه الثاني: إن الإمام أحمد لا خلاف عنه في مذهبه أنه يجوز بيع الأوقاف غير المساجد عند تعطل منافعها.
الثالث: إن هذا سبب ممنوع لم يذكر على ذلك نص عن صاحب المذهب، ولا حجة يجب المصير إليها، بل قد دلت أقوال الصحابة ونصوص الامام على أن ذلك متبع به رجحان المصالح، نقلا وتحويلا، ومبادلة، ونحو ذلك كما ذكرناه عن الإمام. ومن أساغ نقله لعلة ضيقة بأهله،