وبرزت الأوامر السلطانية بإبطالها من الأقطار، وطال الاختلاف في شأنها مدة طويلة ثم استقر الأمر على ظهورها وشربها من غير إنكار ... إلى أن قال: اعلم أن إطلاق التحريم في محل التقييد خطأ، كما هو مقرر عند المحصلين. إن أراد التحريم على من يضره استعمال ذلك. وإن أراد الإطلاق على الإطلاق؛ فهو الخطأ الصراح، والورطة التي لا تباح؛ لما قررناه سابقاً من أحكام الشريعة، وأقوال علمائها، فإن ادعى أن فيه إسكاراً أو إضراراً في طبيعته يقتضي التحريم؛ فيقال: إن كنت استعملته ووجدت منه ذلك؛ فيحتمل أنه ليس مزاجك، لأنه مضر بذوي اليبوسة هذا بالنسبة إلى الضرر. وأما بالنسبة إلى الإسكار؛ فتغييره لك بخصوصك لا يقضي على الجم الغفير الذين لم يجدوا منه إسكاراً، والمشاهدة والحس شاهدان بذلك، أو تقول: إنه مستقذر؛ فيطلب منك الدليل على دعواك. وإن لم تكن استعملته؛ فمن أين لك إسكاره أو إضراره. فإن قال: معتمده السماع؛ قيل له: هل بلغ ما سمعته حد التواتر، مع أن عدم إسكاره وإضراره من المعلوم؛ لنقلهما عن الجم الغفير، والعدد الكثير الذي تحيل العادة تواطؤهم على الكذب، من المستعملين لهذا النبات في جل الأمصار. ومن نازع فيه؛ فهو مكابر لا محالة. فإن أراد دخان هذا النبات هو الدخان المذكور في صدر الرسالة؛ فهو ضرب من الهذيان، ونوع من البرسام الذي يعتري الإنسان ... إلى أن قال: فكيف يقاس عليه، هيهات دون ذلك خرط القتاد، أو سف الرماد، ثم قال: إلا إن كان ذلك من قبيل قياس؛ فطيش، حيث قاس البحر على التيس؛ فقيل له: ما وجه القياس، فقال: