الاختلاف في نظيره من الكفتة والقات لما حدثاً، وظهر بقطر اليمن، واختلف في حكم ذلك؛ فأفتى بعضهم بالحرمة، وبعضهم بالإباحة، وألفوا في ذلك رسائل، ورفعوها إلى عالم مكة في وقته شيخ مشايخنا، أحمد بن حجر، وطلبوا منه التقريظ عليها مع تباينها؛ فبذل جهده في تحرير المسألة، وصنف فيها رسالة وافية، ملخصاً هو ما أشرنا إليه في حكم هذا النبات المسمى بالتنباك، من جواز استعمالهما (١) لمن لا يضران ببدنه، وعقله، وحرمته لمن يضران ببدنه وعقله. وأما اختلاف المفتين بالحل والتحريم، وجمع بإطلاق الحل على ما ثبت عند قائله من نحوهما، غير مسكرين ولا مضرين، وإلا فلو ثبت عنده إسكارهما أو أضرارهما؛ القال بالحرمة جزماً، وحمل إطلاق التحريم على ما ثبت عند قائله من كونهما مسكرين أو مضرين، وإلا فلو ثبت عنده عدم ذلك؛ لقال بالحل جزماً، إلا أنه استحسن عدم استعمالهما، مع القول بجوازه إذا اتنفى عنهما الإسكار والإضرار، واستحسانه هذا محمول على غير الحالة التي قد يقال بالوجوب فيها، كما إذا أخبره طبيبان عارفان: أن استعمالهما ينفع في بعض الأمراض التي يجدها، وكذا إذا عرف المستعمل ذلك من نفسه، كما هو ظاهر، ونظير هذا الاختلاف ما وقع في القرن التاسع لما ظهرت القهوة، وحدثت بعد أن لم تعرف قبل ذلك، من اختلاف العلماء في حلها وحرمتها، بناء على اختلاف الأسئلة المرفوعة إليهم فيها؛ فانه ذكر في بعضها أنها مسكرة مغيرة للعقل، وفي بعضها حذف ذلك، فلما شهدت التجربة، وقضى العيان بعدم إسكارها وتغييرها؛ رجع جمع ممن أفتى بالتحريم إلى القول بالحل، وأصر بعضهم، كشيخ الإسلام، أحمد بن عبد الحق السنباطي، وأكثر الشعراء في ذلك الزمن من مدحها وذمها، وتطرق بعض الذم إليه، فمن ذلك قول بعض المكيين ..