طاهر لا ضرر في أكله؛ يحل أكله، إلا المستقذرات الطاهرات كالمني والمخاطب؛ فإنها حرام على الصحيح ... إلى أن قال: ويجوز شرب دواء فيه قليل سم، إذا كان الغالب السلامة، واحتيج إليه.
قال الإمام: ولو تصور شخص لا يضره أكل السموم الظاهرة، لم تحرم عليه. قال الروياني: النبات الذي يسكر وليس فيه شدة مطربة؛ يحرم أكله، وان كان ينتفع به في دواء أو غيره؛ حل التداوي به. انتهى.
وقال المحقق أحمد بن حجر في "شرح المنهاج": ولا يحرم من الطاهر إلا نحو حجر، وتراب. ومنه مدر، طفل (١) لمن يضره، وعليه يحمل إطلاق جمع متقدمين حرمته، بخلاف من لا يضره، كما قاله جمع تقدمون، واعتمده السبكي وغيره. وسم وإن قل إلا لمن لا يضره، ونبت ولبن جوز إنه سم. أو من غير مأكول ومسكر، ككثير أفيون، وحشيش، وجوزة، وعنب، وزعفران، وجلد دبغ، ومستقذر أصالة؛ بالنسبة لغالب ذوي الطباع السليمة، كمخاط، ومني، وبصاق، وعرق إلا لعارض، كغسالة يد، ولحم - مثلاً- أتنن. انتهى.
ومن ذلك يعلم إباحة هذا النبات؛ إذ هو في حد ذاته طاهر غير مسكر، ولا مضر، ولا مستقذر، ثم تجري فيه الأحكام، كغيره. فمن لم يحصل له ضرر باستعماله في بدنه أو عقله؛ فهو جائز له، ومن ضره؛ حرم عليه استعماله، كمن يضر به استعمال العسل، نحو الصفراوي، ومن نفعه في دفع مضر، كمرض؛ وجب عليه استعماله. وثبوت هذه الأحكام بموجب العارض، ويكون في حد ذاته مباحاً، كما لا يخفى، جرياً على قواعد الشرع وعموماته التي يندرج تحتها، حيث كان حادثاً غير موجود زمن الشارع، ولم يوجد فيه نص بخصوصه، وقد وقع
(١) الطفل: سقط النار، والطفيل: الماء الكدر يبقى في الحوض.