قيل: إن لم تقع في الدعوى صريحاً؛ فهي واقعة فيها ضمناً، لكون مقصود المشتري من الحكم مبين ذلك.
المثال الثاني: أن يدعي أنه باعه هذه العين، ولا يدعي أنها ملكه، فيعترف لع البائع أو ينكر، وتقوم البينة فيحكم الحاكم بموجب ذلك؛ فموجب الدعوى في هذه الصورة هو حصول صورة بيع بينهما، ولم تشتمل الدعوى على ما يقتضي صحة ذلك البيع؛ لأنه لم يذكر في دعواه أن العين كانت ملكاً للبائع، ولم تقم بذلك بينة، وصحة العقد متوقفة على ذلك؛ فلا يكون الحكم بالموجب هنا حكماً بالصحة أصلاً، بخلاف التي قبلها. وقد تبين مما ذكرنا أن الحكم بالموجب؛ تارة يكون كالحكم بالصحة، وتارة يكون كذلك، وهنا أشكال، وهو أن يقال: أي فائدة تبقى للحكم بالموجب إذا لم نجعله حكماً بالصحة؟ إن قلتم: فائدته ثبوت ذلك؛ قيل: الثبوت قد يستفاد مما قد يكون سبق من الألفاظ، أيضاً: الثبوت لا يقال فيه: حكم به، وإن قلتم: فائدته الإلزام بتسليم العين قبل ذلك؛ لم تقع فيه الدعوى، فكيف يحكم بما لم يدع به؟
وجوابه: إن فائدته الحكم بالموجب أنه حكم على العاقد بمقتضى ما ثبت عليه من العقد؛ لا حكم بالعقد، وفائدته: أنه لو أراد العاقد رفع هذا العقد إلى من لا يرى صحته ليبطله؛ لو يجز له ذلك، ولا للحاكم حتى يتبين موجب بعدم صحة العقد. فلو وقف على نفسه، ورفعه إلى حنبلي فحكم بموجبه؛ لم يكن لحاكم شافعي بعد ذلك أن يسمع دعوى الواقف في إبطال الوقف بمقتضى كونه وقفاً على النفس، وخاصله أنه حكم على العاقد بمقتضى عقده لا حكم بالعقد، ولا يخفى ما بينهما من التفاوت. انتهى.