للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقيل: يلزم كما يلزم الاستمرار في حكم حادثة معينة قلد فيه، ولأنه اعتقد أن مذهبه حق؛ فيجب عليه العمل بموجب اعتقاده. وقيل: لا يلزم، وهو الأصح؛ لأن التزامه غير ملزم، إذ لا واجب إلا ما أوجب الله ورسوله، ولم يوجب على أحد أن يتمذهب بمذهب أي رجل من الأئمة فيقلده في كل ما يأتي ويذر دون غيره والتزامه ليس بنذر حتى يجب الوفاء به. قلت: ولو نذره لا يلزمه، كما لا يلزمه البحث عن الأعلم، وأسد المذاهب على المعتمد، قاله السيد السمهودي.

وقال ابن حزم: إنه لا يحل لحاكم، ولا لمفت تقليد رجل فلا يحكم ولا يفتي إلا بقوله، وقول ابن حزم: يؤخذ به، وهو كما حكي من دعواه الإجماع على أن متتبع الرخص فاسق، وهو مردود بما أفتى به الشيخ المتفق على علمه وصلاحه، العلامة عز الدين بن عبد السلام في "فتاويه": لا يتعين على العامي إذا قلد إماماً في مسألة أن يقلد غيره (١) في سائر مسائل الخلاف؛ لأن الناس من لدن الصحابة إلى أن ظهرت المذاهب يتساءلون فيما يسنح لهم العلماء المحققين من غير نكير، وسواء اتبع في ذلك الرخص أو العزائم؛ لأن من جعل المصيب واحداً وهو الصحيح؛ لم يعينه، ومن جعل كل مجتهد مصيباً؛ فلا إنكار على من قلد في الصواب، وقال: وأما ما حكاه ابن حزم من حكاية الإجماع على منع تتبع الرخص من المذاهب، فلعله محمول على من تتبعها من غير تقليد لمن قال بها، أو على الرخص المركبة (٢) في الفعل الواحد، كذا في "العقد الفريد" للسيد علي السمهودي الشافعي، بل قيل: لا يصح للعامي مذهب بها لأن المذاهب لا تكون إلا لمن له نوع نظر وبصيرة بالمذاهب، أو لمن قرأ كتابا في فروع مذهب، وعرف فتاوى إمامه، وأقواله، وأما


(١) وفي نسخة مكتبة الرياض: (يقلده).
(٢) وفي نسخة مكتبة الرياض: (المترتبة).

<<  <  ج: ص:  >  >>