للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من لم يتأهل لذلك، بل قال: أنا حنفي، أنا شافعي؛ لم يصر من أهل ذلك المذهب بمجرد هذا؛ كما لو قال: أنا فقيه، أو نحوي؛ لم يصر فقيهاً أو نحوياً. وقال الإمام صلاح الدين العلائي: الذي صرح به الفقهاء في مشهور كتبهم؛ جواز الانتقال في أحاديث المسائل والعمل فيها بخلاف مذهبه، إذا لم يكن على وجه التتبع للرخص. انتهى.

قلت: والمراد بخلاف مذهبه؛ المسائل التي عمل بها، لا التي اعتقدها بدون عمل؛ لقول الكمال: ثم حقيقة الانتقال، أي عن المذاهب؛ إنما يتحقق في حكم مسألة خاصة قلد فيها أو عمل بها، وإلا فقوله: قلدت أبا حنيفة فيما أفتى به من المسائل مثلاً، والتزمت العمل على الإجمال وهو لا يعرف صورها، ليس حقيقة التقليد، بل هذا حقيقة تعليق التقليد، أو وعد به، كأنه التزم أن يعمل بقول أبي حنيفة فيما أفتى به من المسائل التي تتعين في الوقائع، فأرادوا، يعني المشايخ القائلين من الحنفية بأن المنتقل من مذهب إلى مذهب، آثم يستوجب التعزير، إن أرادوا هذا الالتزام؛ فلا دليل على وجوب إتباع المجتهد المعين بإلزام نفسه ذلك قولا أو نية شرعاً.

قلت: وكذلك لا يلزم على الصحة كما تقدم. انتهى، بل الدليل اقتضى العمل بقول المجتهد فيما إذا احتاج إليه لقوله تعالى "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون" (١) والسؤال إنما يتحقق عند طلب حكم الحادثة المعينة حينئذ وإذا ثبت عنده قول المجتهد؛ وجب عمله به. انتهى. كما نقله السيد السمهودي، ثم قال، أي السيد السمهودي: وإذا أفتاه مفتيان فاختلفا؛ تخير على الأظهر. انتهى. (وقيل: الملتزم؛ كمن لم يلتزم، بمعنى أنه إن عمل بحكم تقليد المجتهد؛ لا يرجع عنه،


(١) ١٦/ ٤٣ - ٢١/ ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>