للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أي عن ذلك الحكم، وفي غيره، أي وفي غير ذلك الحكم؛ إن تقليد غيره من المجتهدين، وهذا القول في الحقيقة تفصيل لقوله.

وقيل: لا. قال المصنف، يعني ابن الهمام: وهو يعني هذا القول الغالب على الظن؛ كناية عن كمال قوله: بحيث جعل الظن متعلقاً بنفسه؛ فلا يتعلق بما لا يخالفه، ثم بين وجه علته بقوله: بعدم ما يجيبه، أي لزوم اتباع من التزم تقليده شرعاً، أي إيجاباً شرعياً، إذ لا يجب على المقلد إلا اتباع أهل العلم؛ لقوله: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إن كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ} (١). وليس التزامه من الموجبات شرعاً).

ويتخرج أي يستنبط منه أيضاً جواز اتباع غير مقلده الأول، وعدم التضييق عليه؛ جواز اتباع رخص المذاهب، أي أخذه من المذاهب ما هو الأهون عليه فيما يقع من المسائل، ولا يمنع منه مانع شرعي؛ إذ للإنسان أن يسلك المسلك الذي هو أخف عليه، إذا كان له، أي للإنسان إليه، أي إلى ذلك المسلك سبيلاً، ثم بين السبيل بقوله: بأن لم يكن عمل بآخر، أي بقول آخر مخالفاً لذلك الأخف فيه، أي في ذلك المحل المختلف فيه. انتهى عبارة السيد بادشاه، وكان صلى الله عليه وسلم يحب ما خفف عليهم؛ إذ لا يناسبه التقييد بعدم العمل بما قلد، لأنه ليس فيه حينئذ تخفيف؛ لأن التخفيف في العمل بما ينافي العمل السابق من جنسه مقلداً لإمام آخر، خصوصاً مع العذر، وليس فيه تعلق بما مضى، كما بيناه. انتهى.

ثم قال الشارح: كان صلى الله عليه وسلم يحب ما خفف عليهم؛ ففي "صحيح البخاري"، عن عائشة رضي الله عنها، بلفظ "عنهم". وفي رواية بلفظ "ما يخفف عنهم"، أي أمته، وذكروا أحاديث صحيحة دالة على هذا المعنى.


(١) ١٦/ ٤٣ - ٢١/ ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>