للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قلت: وذلك كقوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسْرَ ولا يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ} (١).

وروى الشيخان وغيرهما: "إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين". ولأحمد حديث بسند صحيح: "دينكم أيسره". وروى الشيخ نصر المقدسي في كتاب "الحجة" مرفوعاً: "اختلاف أمتي رحمة"، ونقله ابن الأثير في مقدمة "جامعه" من قول مالك، وفي "المدخل" للبيهقي، عن القاسم (٢) بن محمد أنه قال: "اختلاف أمة محمد رحمة". ويترجح على هذا القول ما قاله بعضهم من "اختلاف أصحابي لكم رحمة"، لأن في "المدخل" للبيهقي، عن عمر بن عبد العزيز قال: ما يسرني أن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لم يختلفوا، لأنهم لو لم يختلفوا؛ لم يكن رخصة، وأخرج البيهقي أيضاً من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: "إن أصحابي بمنزلة النجوم فبما أخذتم اهتديتم، واختلاف أصحابي لكم رحمة". قلت: واختلاف الصحابة هو منشأ اختلاف الأمة.

ولما أراد هارون الرشيد حمل الناس على موطأ مالك، كما حمل الناس عثمان على القرآن، قال له مالك: ليس إلى ذلك سبيل؛ لأن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم افترقوا بعده في الأمصار، فحدثوا، وعند أهل كل مصر علم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "اختلاف أمتي رحمة". وهذا كالصريح في أن المراد الاختلاف في الأحكام.

وقال السيد علي السمهودي، وقال الكمال في "فتح القدير" من باب الاعتكاف: إن الله يحب الأناة والرفق في كل شيء، حتى طلبه في المشي إلى الصلاة وإن كان ذلك يفوت بعضها مع الإمام، وكره الإسراع


(١) ٢/ ١٨٦.
(٢) وفي نسخة مكتبة الرياض: (أبي محمد).

<<  <  ج: ص:  >  >>