للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ما كان يراه؛ له الأخذ بالحكم وترك رأيه، كما سنذكره.

فالجزئيات مشروطة بشروطها عند القائل بها، تنتفي بانتفائها، وتوجد بوجودها، فلا نجد حالة التلفيق، وكذا قال العلامة المحقق الشيخ قاسم في ديباجة تصحيح القدوري ما نصه: لا يصح التقليد في شيء مركب باجتهادين مختلفين بالإجماع، كما إذا توضأ ومسح بعض الرأس، ثم صلى بنجاسة الكلب، قال في "توقيف الحكام على غوامض الأحكام": بطلت بالإجماع، وقال فيه أيضاً: والحكم الملفق باطل بإجماع المسلمين، فلو أثبت بخط مالكي، فحكم به الشافعي؛ لم ينفذ، وذكر مثالاً آخر قال: وكثير من جملة القضاة يفعلون الملفق. انتهى ما قاله العلامة قاسم، تلميذ خاتمة المحققين رحمهما الله.

وحيث علمت الإجماع بأنه لا يجوز التلفيق، لا في التقليد في العمل ولا الحكم؛ فلا تلتفت إلى ما فهم صاحب "أنفع الوسائل" الطرطوسي في نسبة التلفيق لحاكم صدر منه صحة وقف مشتمل على حصة صدر من عجوز، فحكم بصحته، وهو قاضي القضاة، حسام الدين الرازي، في سنة إحدى وثمانين وستمائة، ونفذه حنبلي حيث قال الطرطوسي: إن الحكم المذكور في التحقيق حكم مركب من مذهبين، أي مذهب أبي حنيفة، لأنه لا يرى الحجر بالسفه، ومذهب أبي يوسف؛ فإن الوقف صحيح عنده، والحكم بنفاذ تصرف المحجور غير صحيح. وعند أبي حنيفة عكسه. ثم قال:

قلت: هذا مشكل لكني رأيت في مسألة المفتي مثل هذه الواقعة المركبة من مذهبين، وقد نص فيها على الجواز، وصورة ما ذكره، قال: لو قضى القاضي بشهادة الفساق على غائب، أو بشهادة رجل، أو رجل وامرأتين في النكاح على غائب؛ فإنه ينفذ وإن كان ممن يجوز القضاء على الغائب، يقول: ليس للفاسق شهادة، ولا للنساء في باب النكاح

<<  <  ج: ص:  >  >>