للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رخص المذاهب من غير مانع شرعي. انتهى.

فنقول: إن تلك الرخص جهات المسائل، لا أجزاؤها، كالمزارعة، والمساقاة.

قال الإمام الأعظم بعدم جوازها، وقال صاحباه بالجواز، وفرع الإمام الأعظم صورة الصحة بشروطها على قول صاحبيه، وبين الصور التي لا تصح لفقد شرطها، وذلك لعلم احتياج الناس إلى الأخذ بقولهما، فلو جاز التلفيق؛ لشرط لصحته شروطاً، ولما حكم ببطلان الصور التي فقد فيها الشرط، ولذا نص أئمتنا على أن من شرط صحة الاقتداء بالمخالف أن لا تشاهد منه ما يمنع صحة الاقتداء به عندنا كما لو سال منه دم بعد الوضوء، أو كان عليه مني كثير ولم يتوضأ بعد ذلك ولم يغسل المني، فلو جاز التلفيق؛ لما اشترطوا ذلك، فالرخص التي تنبع من المذاهب، كصحة البيع بالتعاطي، والنكاح بلا ولي، والنكاح بشهادة امرأتين، ورجل فاسق، وصحة الصلاة مع من لمس المرأة والذكر، مع وجود ما يتبين عليه ذلك، وكتقليد الشافعي في الكنايات رواجع، وفي صحة التوضئ بما فيه نجس وقد بلغ قلتين ولم يظهر منه أثر، وصحة الصلاة بعد خروج دم وقيء، وفي ثوب فيه كثير مني، وكتقليد الإمام مالك في الماء. وإن قل لا ينجس إلا بالتغير، وفي طهارة الأرواث، والكلاب، وباقي المسائل المجتهد فيها.

فإذا كان نكاح الحنفي صحيحاً على ما يراه الشافعي؛ لا يقول بجواز مراجعته لمن أبانها بكناية لفقد النكاح من أصله على أصله، ولهذا قال: قال أئمة الحنفية: إن هذا الزوج لو طلقها ثلاثا؛ له أن يستحكم الشافعي في إبطاله ذلك النكاح، وإلغاء الطلاق الحاصل فيه، وإنما احتيج إلى الحكم؛ لأن المقلد في شيء لا يملك إبطاله بعينه، لأن إمضاء الاجتهاد لا ينقض باجتهاد آخر، بخلاف حكم الحاكم؛ فإن المقتضي عليه بخلاف

<<  <  ج: ص:  >  >>