للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الصورة المذكورة عندهما غير مسلم؛ فإن مالكاً مثلا لم يقل من قلد الشافعي في عدم الصداق أن نكاحه باطل، ولم يقل الشافعي: إن من قلد مالكاً في عدم الشهود أن نكاحه باطل، ورد عليه أن عدم قولهما بالبطلان؛ في حق من قلد أحدهما، وراعى مذهبه في جميع ما يتوقف عليه صحة العمل، وما نحن فيه: من قلدهما وخالف كلاً منهما في شيء، وعدم البطلان في ذلك؛ لا يستلزم عدم القول به، هذا وقد يجاب عنه: بأن الفارق بينهما ليس إلا أن كل واحد من المجتهدين لا يجد في صورة التلفيق جميع ما يجد شرطاً في صحتها، بل يجد بعضها دون بعض، وهذا الفارق لا يسلم أن يكون موجباً للحكم بالبطلان، وكيف يسلم والمخالفة في بعض الشروط أهون من المخالفة في الجميع؟ ! فيلزم الحكم بالصحة في الأهون بالطريق الأولى، ومن يدعي وجود فارق آخر، أو وجود دليل آخر على بطلان صورة التلفيق على خلاف الصورة الأولى؛ فعليه البرهان، فإنا لا نسلم كون المخالفة في البعض أهون من المخالفة في الكل؛ لأن في المخالفة في الكل تبع مجتهدا واحدا في جميع ما يتوقف عليه صحة العمل، وههنا لم يتبع واحداً.

قلت: هذا إنما يتم لك إذا كان معك دليل، من نص أو إجماع، أو قياس قوي يدل على أن العمل إذا كان له شروط يجب على المقلد أن يتبع مجتهداً واحداً في جميع ما يتوقف عليه ذلك؛ فأت به إن كنت من الصادقين، والله أعلم. انتهى كلام السيد، رحمه الله.

وأقول: لا يخفى أن السيد رحمه الله تعالى يدعي صحة التقليد، وغيره ينفيه، والنافي لا يحتاج لدليل؛ لأنه يهدم دليل المدعي حتى يقيم البرهان، ولا بد من وجوده؛ فالمطلوب إثبات الجواز للتلفيق، ولم نجده في كلام السيد، ووجدنا في كلام ابن الهمام أنه يتخرج من جواز اتباع المقلد غير من قلده أولاً، ومن عدم التضييق عليه؛ هو أن اتباعه

<<  <  ج: ص:  >  >>