للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذلك، إلا فيما إذا وجد غيره لا فيما إذا لم يجد. ثم في كتاب من الكتب المذهبية، أي الحنفية، المعتبر أن المستفتي إن أمضى قول المفتي لزمه، وإلا، فلا، حتى قالوا: إذا لم يكن الرجل فقيهاً فاستفتى فقيهاً، فأفتى بحلال، ولم يعزم على ذلك، يعني يعمل به، حتى أفتاه فقيه آخر بخلافه، فأخذ بقوله، أو أمضاه؛ لم يجز له أن يترك ما أمضاه، ويرجع إلى ما أفتاه به الأول، لأنه لا يجوز له نقض ما أمضاه مجتهداً كان أو مقلداً، لأن المقلد متعبد بالتقليد، كما أن المجتهد متعبد بالاجتهاد، ثم كما لم يجز للمجتهد نقض ما أمضى. انتهت عبارة الأمير ابن أمير حاج بنوع اختيار.

قلت: ومن ذلك ما قاله محمد -رحمه الله- في إملائه: لو أن فقيهاً قال لامرأته: أنت طالق البت، وهو ممن يراها ثلاثاً، ثم قضى عليه قاض أنه رجعة؛ وسعه المقام معها.

وكذا كل قضاء مما يختلف فيه الفقهاء، من تحريم، أو تحليل، أو اعتقاد، أو أخذ مال، أو غيره؛ ينبغي للمتفقه المقضي عليه الأخذ بقضاء القاضي، ويدع رأيه، ويلزم نفسه ما ألزمه القاضي، ويأخذ ما أعطاه.

قال محمد: وكذلك رجل لا علم له، ابتلي ببلية، فسأل عنها الفقهاء فأفتوه عنها بحلال أو بحرام، وقضى عليه قاضي المسلمين بخلاف ذلك، وهو مما يختلف فيه الفقهاء؛ فينبغي له أن يأخذ القضاء ويدع عنه ما أفتاه الفقهاء.

وإن قضى له قاض بحلال أو بحرام، ثم رجع إلى قاض آخر، فقضى له في ذلك في شيء بعينه يخالف قضاء الأول، وهو مما يختلف فيه الفقهاء؛ أخذ بقضاء الأول، وأبطل قضاء الثاني، إلا أن يكون الأول لا يسوغ فيه الاجتهاد، فلا يعتد به.

قال محمد: ولو أن فقيهاً عالماً قال لامرأته: أنت طالق البتة، وهو

<<  <  ج: ص:  >  >>