قضية واحدة، ولا يقدح في ذلك اتفاقهما على بطلان صلاته؛ فإنه تركب من قضيتين، وهو غير قادح في التقليد، كما يفهمه تمثيلهم، وقد رأيت في "فتاوى البلقيني" ما يقتضي أن التلفيق من قضيتين غير فادح في التقليد. انتهى.
إذا تقرر ذلك، فإن فرعنا على الأول؛ كان قضية إطلاقه منع التقليد في مسألة السؤال؛ فإنه أطلق منع ما يؤدي إلى التركيب، ولم يقيده بكونه يرجع إلى قضية أو قضيتين، يعني إلى حكم أو حكمين، ولا يرد عليه قول السائل: إن التقليد إنما شرع للترخص والتخفيف؛ لأن فيه الحمل عند توفر شروطه، وإلا فلا اعتداد به، والتخفيف موجود فيه في الجملة عند توفر شروطه إذا نسبناه إلى من يمنعه بالكلية، وإن فرعنا على الثاني؛ اقتضى جواز التقليد في مسألة السؤال، لأن التركيب فيها يرجع إلى حكمين، عدم النقض بأكل لحم الجزور الراجع إلى طهارة الحدث، وطهارة بول ما يؤكل لحمه، الراجع إلى طهارة الخبث، وهو شرط مغاير للذي قبله في الحقيقة والحكم وإن شاركه في اللفظ، ولكل من المقالين وجهة، وكفى بكل من القائلين قدوة، والأول أوفق بمشارب الخاصة، والثاني أوفق بمشارب العامة، وأما إذا سئل الشافعي عن مسألة مثلا ذات اختلاف بين المجتهدين، وكان السائل فيها يعتقد تبعا لإمامه خلاف مذهب المسؤول؛ فينبغي للمسؤول أن يبين له حقيقة الأمر، ثم هو بالخيار، إن أراد التقليد وكان من قضية مذهبه جواز تقليد غير إمامه قلد، وإلا فلا.
وقول السائل: هل الأولى له إرشاد السائل أو تركه الخ. فالظاهر أنه ينظر في حال الحالف، فإن كان من أهل الورع ويرجى منه الوقوف مع قضية مذهبه؛ فالأولى تركه مع اعتقادنا حصول البر ببعض المسالك على قضية مذهبنا، لا نرتاب في أن الورع لنا تركه خروجا من الخلاف،