كل من الإمامين، كتقليد الإمام الشافعي في مسح بعض الرأس، ومالك في طهارة الكلب في صلاة واحدة. انتهى.
وفي "فتاوى" الوجيه ابن زياد ما نصه: سئل عما إذا قلد شافعي مذهب غير الشافعي، فهل يشترط له أن لا يقع فيما يخالف ذلك المذهب من الأفعال، كما إذا قلد شافعي أبا حنيفة في الاكتفاء باستقبال الجهة من القبلة في الصلاة، فهل يشترط أن يمسح ربع الرأس، وأن لا يسيل منه دم، أم لا؟
أجاب رحمه الله: إن الذي فهمنا من أمثلتهم أن التركيب القادح في التقليد إنما يمنع إذا كان في قضية واحدة، فمن أمثلتهم: إذا توضأ ومس تقليداً لأبي حنيفة، وافتصد تقليداً للشافعي، ثم صلى؛ فصلاته باطلة، لاتفاق الإمامين على بطلان طهارته، وكذلك لو توضأ ومس بلا شهوة تقليداً لمالك، ولم يدلك تقليداً للشافعي، ثم صلى؛ فصلاته باطلة، لاتفاق الإمامين على بطلان طهارته، بخلاف ما إذا كان الترتيب من قضيتين؛ فالذي يظهر أن ذلك غير قادح في التقليد، كمسألة السؤال، فإنه إذا توضأ ومسح بعض رأسه، ثم صلى إلى الجهة تقليداً لأبي حنيفة، فالذي يظهر صحة صلاته، لأن الإمامين لم يتفقا على بطلان طهارته، فإن الخلاف فيها بحاله، لا يقال: اتفقا على بطلان صلاته، لأنا نقول: هذا الاتفاق نشأ من التركيب من قضيتين، والذي فهمنا من كلامهم أنه غير قادح في التقليد.
ومثله: إذا قلد الإمام أحمد أن العورة السوأتان (١) وترك المضمضة، والاستنشاق، والتسمية، الذي يقول أحمد بوجوبها ص ١٣١، فالذي يظهر صحة صلاته إذا قلده في قدر العورة، لأنهما لم يتفقا على بطلان طهارته في
(١) هذا القول، المشهور أنه لمالك، والسياق يقتضي أن يكون لغير الإمام أحمد. ولعل في العبارة نقصا.