المذهبين ببطلان عمله، مثل أن يكون شافعي المذهب على وفق مذهبه جرى على بدنه دم؛ فهو على وضوء بمقتضى مذهبه، ثم قلد أبا حنيفة في عدم نقض الوضوء من لمس بدن المرأة الأجنبية؛ فيصلي حينئذ صلاة يفتي مفتي الشافعية ببطلانها، وكذا مفتي الحنفية؛ ففي مثل ذلك لا يجوز تقليد الغير، والصحابة رضي الله عنهم، عوامهم يقلدون خواصهم في أي مسألة كانت، وكذلك التابعون وتابعوهم، ثم إن البارزين من الشافعية أفتى بأن من عمل عملا يوافق مذهبا من المذاهب، وإن كان العامل لا يعرف أنه مذهب إمام؛ فيصح عمله، وهذه توسعة عظيمة، وأما مسألة العمل بمذهب غير مذهبه، إذا علم من مذهب الغير، ولم يعلم حكم تلك المسألة من مذهبه، فقد علمت من قبل أن لكل مقلد مذهباً أن يعمل في بعض الأعمال بمذهب غير مقلده. وأما الفتوى في مسألة يعلم من مذهب غير مقلده لمقلد ذلك المذهب؛ فجائز قطعاً، فإنهم صرحوا بأنه يجوز أن يكون شخص واحد أفتى بأربع مذاهب، وأما عدم تعيين المذاهب والسؤال عن أهل الفتوى؛ فظاهر طرق الصحابة، والتابعين، وتابعيهم، والصدر الأول أنه جائز، لكن تصريح بعض المتأخرين: أن بعد تدوين المذاهب وجب تقليد واحد معين منهم.
وقال الغزالي في "المستصفى": إن العامي لا مذهب له، ووجب عليه أن يقلد عالماً يعتقد أعلميته، ولا يجوز له التجاوز عن فتواه، ونقل تلك المسألة عن كثير من العلماء، ومال كلام إمام الحرمين في "المنخول": يجبر على ذلك. انتهى.
سئل الشيخ عبد الرحمن الخياري في حال الجواز بالقول المرجوح، هل تشترط معرفة القائل به، أم لا؟ ومن أين لأمثالنا معرفة القائل به؟ وإن قلتم بذلك، فهل يكتفى بمعرفة اسمه، أم لا بد من معرفة حقيقة حاله؟