للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذلك، ومنع ما ذهب إليه من جواز تتبع الرخص؛ لأن المذهب عند الشافعية أن تتبع الرخص حرام، وأحسن ما رأينا في ذلك واسطة كلام شيخنا الإمام، عمر بن عبد الرحيم الوارد علينا من أحمد بن موسى الباهلي: وأما القول بالمرجوح؛ فالمنصوص عليه عند الحنفية أنه لا يجوز الإفتاء به ولا الحكم، وإن حكم به القاضي مع العلم؛ فهو آثم، وفي نفاذ حكمه تفصيل، ويؤخذ من قوة كلامهم وتقييدهم ذلك بالحكم والإفتاء، جواز العمل به في خاصة النفس، لكنه محمول على غير المهجور، وأما المهجور فلا. انتهى.

ويجوز لمن قلد مجتهداً، كمالك، وأبي حنيفة، والشافعي، وأحمد أن يقلد إماماً آخر في بعض المسائل، كأن يقلد الشافعي في عدم النقض للوضوء، وأبا حنيفة مثلاً في تأخير النية في الصوم إلى الزوال.

وقال الشيخ اللقاني في "شرحه": الأصح أنه يمتنع لمن لزم مذهبا معينا، ولو قلنا بجواز انتقاله عنه؛ تتبع الرخص في المذاهب، بأن يأخذ من كل منها بما هو الأهون فيما يقع له من المسائل، خلافاً لقول ابن أبي هريرة أنه لا يفسق بذلك، بل الحق قول أبي إسحاق المروزي أنه يفسق بذلك. انتهى.

ومن كلام ابن القيم: هل يلزم العامي أن يتمذهب ببعض المذاهب المعروفة، أم لا؟

فيه مذهبان: أحدهما: لا يلزمه، وهو الصواب المقطوع به؛ إذ لا واجب إلا ما أوجبه الله ورسوله، ولم يوجب على أحد من الناس أن يتمذهب بمذهب رجل من الأمة فيقلده دينه دون غيره، وقد انطوت القرون الفاضلة مبرأة أهلها من هذه النسبة، ولا يصح للعامي مذهب ولو تمذهب به؛ فالعامي لا مذهب له، لأن المذاهب إنما تكون لمن له نوع نظر واستدلال، وبصر بالمذاهب على حسبه، أو لمن قرأ كتابا في

<<  <  ج: ص:  >  >>