للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لأن معوله على صحة إضافة ما يقول إلى إمامه، لعدم استقلاله بتصحيح نسبته إلى الشارع بلا واسطة إمامه.

والظاهر معرفته بما يتعلق بذلك، من حديث، ولغة، ونحو ... إلى أن قال: فالمجتهد في مذهب أحمد إذا أحاط بقواعد مذهب أحمد، وتدرب في مقاييسه وتصرفاته؛ فإنه ينزل من الإلحاق بمنصوصاته وقواعد مذهبه منزلة المجتهد المستقل في إلحاقه ما لم ينص عليه الشارع بما نص عليه، وهذا أقدر على ذا من ذاك؛ فإنه يجد في مذهب إمامه قواعد ممهدة، وضوابط مهذبة ما لم يجده المستقل في أصول الشارع ونصوصه. وقد سئل أحمد عمن يفتي بالحديث إذا حفظ أربعمائة ألف حديث؟

فقال: أرجو، فقيل لأبي إسحاق بن شاقلا: فأنت تحفظ ذلك؟ فقال: لكني أفتي بقول من يحفظ ألفي ألف (١) حديث، يعني الإمام، ثم إن المستفتي فيما يفتيه به من تخريجه هذا مقلد لإمامه، لا له ... إلى أن قال:

الحالة الثالثة: أن لا تبلغ رتبته رتبة أئمة المذهب أصحاب الوجوه والطرق، غير أنه فقيه نفس، حافظ لمذهب إمامه، عارف بأدلته، قائم بتقريره وتصوره، يصور ويحرر، ويزيف ويمهد، ويقرر ويرجح، لكنه قاصر عن درجة أولئك، إما لكونه لم يبلغ في الحفظ للمذهب مبلغهم، وإما لكونه غير متبحر في أصول الفقه ونحوه، على أنه لا يخلو مثله في ضمن ما يحفظ من الفقه، ويعرفه من أدلته عن أطراف من قواعد أصول الفقه ونحوه، وإما لكونه مقصراً في غير ذلك من العلوم التي هي أدوات الاجتهاد، والحاصل لأصحاب الوجوه والطرق، وهذه صفة لكثير من المتأخرين الذين رتبوا المذاهب، وحرروها، وصنفوا فيها تصانيف


(١) وفي نسخة مكتبة الرياض: (ألف ألف حديث).

<<  <  ج: ص:  >  >>