السلف، والاستنباط والترجيح، هل يسوغ تقليده في الفتوى للناس؟
فيه أربعة أقوال:
الجواز مطلقاً. والمنع مطلقاً. والجواز عند عدم المجتهد، ولا يجوز مع وجوده. والجواز إن كان مطلعاً على ما يفتي بقولهم، والمنع إن لم يكن مطلعاً.
والصواب فيه التفصيل، وهو أنه إن كان السائل يمكنه التوصل إلى عالم يهديه السبيل؛ لم يحل له استفتاء مثل هذا، ولا يحل لهذا أن ينصب نفسه للفتوى مع وجود هذا العالم، وإن لم يكن في بلده أو ناحيته غيره، بحيث لا يجد المستفتي من يسأله سواه؛ فلا ريب أن رجوعه إليه أولى من أن يقدم على العمل بلا علم، أو يبقى مرتبكاً في حيرته، متردداً في عماية جهالته، بل هذا هو المستطاع من تقواه المأمور بها.
ونظير هذه المسألة: إذا لم يجد السلطان من يوليه، إلا قاضياً عارياً عن شروط القضاء؛ لم يعطل البلد عن قاض، وولى الأمثل فالأمثل.
ونظير هذا: لو كان الفسق هو الغالب على أهل البلد، وإن لم تقبل شهادة بعضهم على بعض وشهادته له؛ لتعطلت الحقوق وضاعت؛ قبل شهادة الأمثل فالأمثل.
ونظير هذا: لو غلب الحرام والشبه حتى لم يجد الحلال المحض؛ فإنه يتناول الأمثل فالأمثل.
ونظير هذا: لو شهد بعض النساء على بعض بحق في بدن، أو مال، أو عرض وهن منفردات بحيث لا رجل معهن، كالحمامات والأعراس؛ قبل شهادة الأمثل فالأمثل منهن قطعاً، ولا يضيع الله ورسوله حق المظلوم ويعطل إقامة دينه في مثل هذه الصور أبداً، بل نبه الله على قبول شهادة الكفار على المسلمين في السفر في الوصية في آخر سورة نزلت، ولم ينسخها شيء البتة، ولا نسخ هذا الحكم كتاب ولا سُنَّة، ولا اجتمعت