الأمة على خلافه، ولا يليق بالشريعة سواه؛ فإن الشريعة شرعت لتحصيل مصالح العباد بحسب الإمكان. وأي مصلحة لهم في تعطيل حقوقهم إذا لم يحضر أسباب تلك العقود شاهدان، حران، ذكران، عدلان، بل إذا قلتم: تقبل شهادة النساء حيث لا رجل، وينفذ حكم الفاسق إذا خلا الزمان عن قاض عادل عالم؛ فكيف لا تقبل شهادة النساء إذا خلا جمعهن عن رجل، أو شهادة العبيد إذا خلا جمعهم عن حر، أو شهادة الكفار بعضهم على بعض إذا خلا جمعهم عن مسلم؟
وكلام أحمد في ذلك يخرج على وجهين: فقد منع كثير منهم الفتوى والحكم بالتقليد، وجوزه بعضهم، لكن على وجه الحكاية؛ لقول المجتهد، كما قال أبو إسحق بن شاقلا وقد جلس في جامع المنصور فذكر قول أحمد: أن المفتي ينبغي له أن يحفظ أربعمائة ألف حديث ثم يفتي، فقال لي رجل: أنت تحفظ هذا؟ فقال: إن لم أحفظه؛ فأنا أفتي بقول من يحفظه.
وكان أبو الحسن بن بشار من كبار أصحابنا يقول: ما ضر رجلاً عنده ثلاث مسائل أو أربع من فتاوى الإمام أحمد أن يستند إلى هذه السارية ويقول: قال أحمد بن حنبل. انتهى.
قال ابن عطوة: وسألت شيخنا عن العمل والحكم، هل يجوز بكل من الروايتين والوجهين إذا اختلف الترجيح؟ فأجاب: يجوز ذلك، ولا يجوز بالمرجوح، وينقض حكم من حكم به. انتهى.
والذي تقرر لنا أنه لا ينقض إلا إن خالف نصاً، أو إجماعاً أو قياساً جلياً، قاله شيخنا.
ومن أثناء جواب لابن تيمية، بعد كلام له سبق: لأن المأموم يعتقد أن ما فعله الإمام سائغ له، وأنه لا أثم عليه فيما فعل؛ فإنه مجتهد أو مقلد