قامت به البينة، وأدنى هذه الأنواع هذا السادس، وهو الحكم بثبوت ما شهدت به البينة، لأنه لا يزيد على أن يكون حكماً بتعديل البينة.
وفائدته: عدم احتياج الحاكم آنفاً إلى النظر فيها، وجواز النقل في البلد، وأعلاها الحكم بالصحة، أو بالموجب، أعني الأولين، هذا على أن يطلق على أن أحدهما ليس أعلى من الآخر، بل يختلف ذلك باختلاف الأشياء؛ ففي شيء الحكم بالصحة أعلى، وفي شيء يكون الحكم بالموجب أعلى، فإن كانت الصحة مختلف فيها، وحكم بها من يراها؛ كان حكمه بها أعلى من الموجب.
مسألة: بيع المدبر مختلف فيه، فإذا حكم بصحته شافعي؛ كان حكمه به أعلى من حكمه بموجب البيع؛ لأن حكمه في الأول حكم بالمختلف فيه قصداً، وفي الثاني يكون حكمه بها ضمناً؛ لأنه إنما حكم قصداً لترتيب أثر الحكم عليه، واستتبع هذا الحكم الحكم بالصحة، لأن أثر الشيء إنما يترتب عليه إذا كان صحيحاً. وأما كون الحكم بالموجب أعلى من الحكم بالصحة.
مثاله: التدبير متفق على صحته، ولا يكون حكمه مانعاً من الحكم بصحة البيع، بخلاف ما لو حكم الحنفي بصحة التدبير؛ فإن حكمه بذلك يكون حكماً باطلاً بيعه، فهو مانع من حكم الشافعي بصحة بيعه، ولو حكم الشافعي بصحة إجارته؛ لا يكون مانعاً للحنفي من الحكم بفسخها بموت أحد المتؤاجرين، وإن حكم الشافعي فيها بالموجب؛ فالظاهر، خلافاً لبعضهم أن يكون مانعاً للحنفي من الحكم بالفسخ بعد الموت؛ لأن حكم الشافعي بالموجب قد تناول الحكم بانسحاب بقاء الإجارة ضمناً. فإن قيل: حكم الشافعي ببقاء الإجارة بعد الموت؛ حكم بالموت بعد وجود فيكون باطلاً كما مر.
أجيب بأن الحكم ببقاء الإجارة حكمه وقع ضمناً، لأن موجب الإجارة