للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حاكماً بغير ما أنزل الله، وقاض بشيء لا يعلمه؛ فلا يحل للقاضي أن يحكم بشيء حتى يعتقد أنه الحق.

فإن قلت: هذا في المجتهد، أما المقلد؛ فمتى قلد وجهاً، ضعيفاً كان في نفس الأمر، أو قوياً؛ جاز.

قلت: ذلك في التقليد في العمل في حق نفسه، أما في الفتوى والحكم؛ فقد نقل ابن الصلاح الإجماع على أنه لا يجوز، ثم قال: أما الخلاف الشاذ، والاحتمال البعيد الذي يعتقده خطأه، فكيف لا ينقض؟

ثم قال: فما تصنع أنت؟

قلت: استخير الله، وأحكم للتي بنصيب أختها، وفيا جميعه، مضافاً إلى نصيبها، وأحكم عليهم بمنعهم منه؛ لأن الله يقول: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} (١) ويقول: {الْآَمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ} (٢). ويقول صلى الله عليه وسلم: "قاض قضى بالحق وهو يعلمه؛ فهو في الجنة"، ويقول: "أعط كل ذي حق حقه".

فأنا أتقرب إلى الله بالحكم لهذه بحقها، والحكم على غيرها بمنعه من لا يستحق، والله أرجو أن يوفقني للخير والخلاص، ويثيبني من سعة فضله بمنه وكرمه، وكتبه علي بن عبد الكافي بن علي بن تمام السبكي في يوم الأربعاء رابع عشر من ذي القعدة سنة ٧٤٧.

ومن جواب لشيخنا: ومسألة الغائب؛ فالنظر للحاكم فيه صريح، تعرفون النص فيه، وشيخ البلد المطاع طاعة مطلقة، إذا ولى عدلاً ثقة؛ فنائبه كنائب الحاكم في ذلك، فإن لم يكن في البلد شيخ مطاع؛ فلا


(١) ٤/ ٥٩.
(٢) ٩/ ١١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>