أقرع بينهما، فمن خرجت له القرعة؛ حلف أخذها، ولو حلف البائع أنها له، ثم أقر بها لأحدهما؛ سلمت إليه، ثم إن أقر بها للآخر؛ لزمته غرامتها له. وإن أقام كل واحد منهما بينة بما ادعاه، نظرنا، فإن كانت البينتان مؤرختين بتاريخين مختلفين، مثل أن يدعي أحدهما أنه اشتراها في المحرم، وادعى الآخر أنه اشتراها في صفر، وشهدت بينة كل واحد منهما له بدعواه؛ فهي للأول، لأنه ثبت أنه باعها للأول؛ فزال ملكه عنها، فيكون بيعه في صفر باطلاً لكون باع ما لا يملكه، ويطالب برد الثمن، وإن كانتا مؤرختين تاريخاً واحداً، أو مطلقتين، أو إحداهما مطلقة والأخرى مؤرخة؛ تعارضتا لتعذر الجمع، فينظر في العين، فإن كانت بيد أحدهما؛ أنبنى ذلك على الخلاف في بينة الداخل والخارج، فمن قدم بينة الداخل؛ جعلها لمن هي في يده. ومن قدم بينة الخارج؛ جعلها للخارج، وإن كانت في يد البائع، وقلنا: تسقط البينتان؛ رجع إلى البائع، فإن أنكرهما؛ حلف لهما وكانت له. وإن أقر لأحدهما؛ سلمت إليه وحلف للآخر، وإن أقر لهما؛ فهي بينهما، ويحلف لكل واحد منهما على نصفها، كما لو لم يكن لهما بينة، وإن قلنا: لا تسقط البينتان؛ لم يلتفت إلى إنكاره ولا اعترافه، وهذا قول أكثر أصحاب الشافعي، والقاضي؛ لأنه قد ثبت زوال ملكه، وأن يده لا حكم لها؛ فلا حكم لقوله، فمن قال: يقرع بينهما، فمن خرجت له القرعة؛ فهي له مع يمينه، وهذا قول القاضي، ولم يذكر شيئاً سوى هذا، ومن قال: تقسم بينهما؛ قسمت، وهذا ذكره أبو الخطاب، وقد نص عليه أحمد في رواية الكوسج، في رجل أقام البينة أنه اشترى سلعة بمائة، وأقام الآخر بينة أنه اشتراها بمائتين، فكل واحد منهما يستحق نصف السلعة بنصف الثمن، فيكونا شريكين، وحمل القاضي هذه الرواية على أن العين في