صلى الله عليه وسلم: «إذا شرب أحدكم فليتنفس ثلاث مرات فإنه أهنأ وأمرأ» بالهمزة فيهما وأخطأ من قرأهما بالألف. (و) يندب (مناولة من على اليمين) وإن تعدد (إن كان) على يمينه أحد قبل مناولة من على يساره، ولو كان مفضولاً، فقد ناول صلى الله عليه وسلم الأعرابي الذي كان على يمينه قبل أبي بكر الذي كان جالساً على يساره وليس لمن على اليمين أن يؤثر غيره بل إن لم يشرب سقط حقه فإن كانوا جالسين أمام الشارب فيبدأ بأكابرهم. (وكره عبه): يقال عب الحمام الماء شرب من غير مص وتقدم دليله.
(و) يكره (النفخ في الطعام) لما فيه من إهانة الطعام مما يخرج من الريق وعليه يكره ولو أكل وحده، وسواء كان في يده أو في الإناء وخصه بعض بالثاني.
وقيل: العلة أذية الآكل معه وعليه فلا يكره لمن كان وحده. (والشراب): لما ورد من النهي عن ذلك فيهما عن النبي صلى الله عليه وسلم (كالكتاب) يكره النفخ فيه لشرفه كان فقهاً أو حديثاً أو قرآناً وكان صلى الله عليه وسلم يترب الكتاب. ولكن اعترض ابن عمر على ابن أبي زيد: بأنه لم يثبت حديث يفيد النهي عن النفخ في الكتاب. اهـ ولكن قد يقال ابن أبي زيد مطلع ومن حفظ حجة على من لم يحفظ. (و) يكره (التنفس في الإناء): حال الشرب وقد تقدم أنه يندب التنفس خارج الإناء وربما كان نفسه كريهاً فيغير الإناء حتى يصير ذا رائحة كريهة يعرفها حتى النساء ويتكلمون بقبح في الشارب كما قرره شيخنا الأمير. (و) يكره (التناول) للمأكول والمشروب (بـ) اليد (اليسرى) حيث أمكن باليمنى. (و) يكره (الاتكاء) حال الأكل على جنبه (والافتراش) التربع بل المطلوب جلوس كجلوسه صلى الله عليه وسلم أن يقيم ركبته اليمنى أو مع اليسرى أو يجلس كالصلاة وجثا صلى الله عليه وسلم مرة على ركبتيه حين أهديت له شاة فقيل له: ما هذه الجلسة؟ فقال صلى الله عليه وسلم-: «إن الله جعلني عبداً كريماً ولم يجعلني جباراً عنيداً» وقال: «إنما أنا عبد آكل كما يأكل العبد وأجلس كما يجلس العبد» لأن السيادة والعظمة إنما تكون لله تعالى.
(و) يكره الأكل (من رأس الثريد) لأن البركة تنزل على وسطه، وفي رواية «إذا أكل أحدكم طعاماً فلا يأكل من أعلى الصحفة» وهذه تشمل غير الثريد، والثريد: ما يفت من الخبز ثم يبل بالمرق وإن لم يكن لحم، ولا ينبغي قسم الرغيف بالخنجر بل باليد ولا يقسم من وسطه بل من حواشيه والسنة في اللحم أن يؤكل بعد الطعام وأن ينهش قال صلى الله عليه وسلم: «خير إدامكم اللحم» وقال صلى الله عليه وسلم-: «سيد إدام الدنيا والآخرة اللحم».
(و) يكره (غسل اليد بالطعام): كدقيق الحنطة، وكذا مسح اليد به وهذا هو المعتمد وقيل يجوز لأن الصحابة كانوا يمسحون أيديهم من الطعام في أقدامهم
ــ
قوله: [فقد ناول صلى الله عليه وسلم الأعرابي] إلخ: أي وورد أيضاً: «أنه - صلى الله عليه وسلم - أتي بشراب فشرب منه وعن يمينه غلام وعن يساره الأشياخ فقال - صلى الله عليه وسلم - للغلام أتأذن لي أن أعطي هؤلاء؟ فقال لا والله يا رسول الله لا أوثر بنصيبي منك أحداً قال فتله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في يده» يعني أعطاه.
قوله: [وخصه بعض بالثاني]: أي الطعام الذي في الإناء.
قوله: [يترب الكتاب]: أي وقد شاع على الألسنة: ما خاب كتاب ترب.
قوله: [ومن حفظ] إلخ: من اسم موصول مبتدأ وحفظ صلته وحجة خبره وعلى من لم يحفظ متعلق بمحذوف صفة لحجة.
قوله: [بقبح في الشارب]: أي فمه بمعنى أنهم يقولون إن فمه أبخر.
قوله: [ويكره الاتكاء] إلخ: سئل مالك عن الرجل يأكل وهو واضع يده على الأرض؟ فقال إني لا أبتغيه وأكرهه وما سمعت فيه شيئاً، والسنة الأكل جالساً على الأرض على هيئة مطمئن عليها ولا يأكل مضطجعاً على بطنه ولا متكئاً على ظهره لما فيه من البعد عن التواضع ووقت الأكل وقت تواضع وشكر لله على نعمه اهـ.
قوله: [أن يقيم ركبته اليمنى] إلخ: أشار الشارح لثلاث هيئات لجلوس الآكل.
قوله: [وإن لم يكن لحم]: أي زائد فوق المرق وإلا فالمرق لا يكون إلا للماء الذي طبخ فيه اللحم كما أن الثريد اسم للمفتوت فيه كما قال الشاعر:
إذا ما الخبز تأدمه بلحم ... فذا وأمانة الله الثريد
ويقاس عليه في الآداب كل فت في طعام لأنه يسمى ثريداً عرفاً وإن كان لا يسمى ثريداً شرعاً.
قوله: [أن يؤكل بعد الطعام]: أي وحينئذ فما شاع من قولهم: ابدءوا بسيد الطعام فعلى فرض صحته لم يأخذ به مالك.
قوله: [خير إدامكم اللحم]: ليس فيه ولا فيما بعده دليل على النهش والمناسب أن يستدل