للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقوله صلى الله عليه وسلم: «تصافحوا يذهب الغل عنكم، وتهادوا تحابوا وتذهب الشحناء» قوله: صلى الله عليه وسلم: "يذهب" مجذوم في جواب الأمر حرك بالكسر تخلصاً والغل بكسر الغين: الحقد، فاعل "يذهب" و"تهادوا" بفتح الدال والشحناء بالمد. ويكره خطف اليد بسرعة كما يكره تقبيل يد نفسه بعد المصافحة وتقبيل يد صاحبه حينها على ما يأتي في المصنف ولا تجوز مصافحة الرجل المرأة ولو متجالة؛ لأن المباح الرؤية فقط، ولا المسلم الكافر إلا لضرورة.

(لا) تندب (المعانقة) بل تكره عند مالك وهو المشهور؛ لأنه وإن ورد أنه صلى الله عليه وسلم عانق سيدنا جعفراً حين قدم من السفر فعلة الكراهة من كون النفوس تنفر منها منفية فيه صلى الله عليه وسلم. وقال سفيان بن عيينة وهو من كبار المجتهدين بجوازها ويشهد له قول الشعبي: كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم إذا التقوا تصافحوا فإذا قدموا من سفر تعانقوا وهذا يرد على المشهور؛ لأن العمل حجة لكن المعتمد ما تقدم.

(و) لا يندب (تقبيل اليد) بل يكره. والمراد: يد الغير، وأما يد نفسه فليس الشأن فعل ذلك، وإن وقع فيكره. ومحل كراهة تقبيل اليد إن كان المقبل مسلماً فلو قبل يدك كافر فلا كراهة. (إلا لمن ترجى بركته) وعليه محمل ما صح أن وفد عبد القيس لما قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم ابتدروا يديه ورجليه» وروي أن سعد بن مالك قبل يده صلى الله عليه وسلم (من والد وشيخ وصالح) فلا يكره بل يطلب وحكم غير اليد من الأعضاء كالرأس والكتف والقدم كاليد نهياً وطلباً وقال سيدي أحمد زروق نفعنا الله به: وعمل الناس على الجواز لمن يتواضع له ويطلب إبراره.

(والاستئذان واجب) بالإجماع لقوله تعالى: {وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا} [النور: ٥٩] ولقوله صلى الله عليه وسلم- لرجل، قال: يا رسول الله أستأذن على أمي؟ قال صلى الله عليه وسلم: «نعم قال: إني معها في البيت. فقال صلى الله عليه وسلم: استأذنها قال: إني خادمها. فقال صلى الله عليه وسلم: استأذن عليها، أتحب أن تراها عريانة؟ » فمن جحد وجوبه يكفر لوروده كما تقدم وعلم ضرورة (إذا أراد دخول بيت) مفتوحاً أو مغلوقاً حيث كان، لا يدخل إلا بإذن، لا نحو حمام وفندق وبيت قاض وطبيب وعالم حيث لا حرج في الدخول بلا إذن وإلا فكغيرها فـ (يقول: سلام عليكم) علمت حكم السلام وقد جرى المصنف على أنه يقدم على الاستئذان. وقال ابن رشد: يسلم بعد الاستئذان (أأدخل؟ ) يقول (ثلاثاً) ولا يزيد حيث غلب على ظنه السماع ويقوم [١] مقام "أأدخل" نقر الباب ثلاثاً ولو مفتوحاً والتنحنح، ويكره الاستئذان بالذكر. (فإن أذن له) فليدخل ولو جاء الإذن مع صبي أو عبد حيث وثق بخبرهما لقرينة وإن قيل له: من أنت؟ فيقول: فلان باسمه لا بنحو أنا فإنه أنكر صلى الله عليه وسلم على من قالها. ومحل وجوب الاستئذان إن كان بالبيت أحد لا يحل النظر لعورته بخلاف الزوجة والأمة ليس معهما غير فيندب وهل يجب على الأعمى قولان. (وإلا) يؤذن له بعد الاستئذان ثلاثاً مع ظن السماع أو قيل له ارجع (رجع) وجوباً ولا يلح ولا يتكلم بقبيح ولا يدخل إلا بعد الإذن لا بمجردالاستئذان كما يقع من العوام وأمثالهم.

(وندب عيادة المرضى)

ــ

على الزيادة وجعله الشارح مبتدأ خبره محذوف، وهو لا دليل عليه في الكلام.

قوله: [لقوله - صلى الله عليه وسلم - تصافحوا] إلخ: أي ولخبر: «ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يفترقا».

قوله: [والشحناء بالمد]: أي وهي البغضاء.

قوله: [ولا تجوز مصافحة الرجل المرأة]: أي الأجنبية وإنما المستحسن المصافحة بين المرأتين لا بين رجل وامرأة أجنبية، والدليل على حسن المصافحة ما تقدم وقوله - صلى الله عليه وسلم - لمن قال له: «يا رسول الله الرجل منا يلقى أخاه أو صديقه أينحني له قال: لا. قال: أفيلزقه [٢] ويقبله؟ قال: لا. قال: أفيأخذه بيده ويصافحه؟ قال: نعم» قال النفراوي وأفتى بعض العلماء بجواز الانحناء إذا لم يصل لحد الركوع الشرعي.

قوله: [جعفراً]: أي ابن عمه أخا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه.

قوله: [لأن العمل حجة]: قد يقال إن مالكاً رأى أن عمل أهل المدينة على عدم فعلها.

قوله: [وروي أن سعد بن مالك قبل يده]: أي وروي أيضاً: «أن أعرابياً قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: أرني آية. فقال: اذهب إلى تلك الشجرة وقل لها النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعوك فتحركت يميناً وشمالاً وأقبلت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهي تقول السلام عليك يا رسول الله فقال له: قل لها ارجعي. فقال لها ارجعي فرجعت كما كانت فقبل الأعرابي يده ورجله - صلى الله عليه وسلم».

قوله: [لمن يتواضع له ويطلب إبراره]: أي لأن في ترك ذلك مقاطعة وشحناء خصوصاً في زماننا هذا.

قوله: [واجب بالإجماع]: أي على مريد الدخول ووجوب الفرائض دل عليه الكتاب والسنة كما أفاده الشارح.

قوله: [ويكره الاستئذان بالذكر]: أي لما فيه من جعل اسم الله آلة.

قوله: [فإنه أنكر - صلى الله عليه وسلم - على من قالها]: أي حيث خرج له - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول أنا أنا وإنما كره بها؛ لأنها لا تعين المقصود، ولأنها هلك بها من هلك كفرعون وإبليس.

قوله: [قولان]: الظاهر منهما الوجوب لعموم قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا} [النور: ٢٧].

قوله: [رجع وجوباً]: أي لقوله تعالى: {وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (ويقول).
[٢] كذا في ط الحلبية.

<<  <  ج: ص:  >  >>