وقال: «أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله» وكان صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى يقرأ على نفسه الإخلاص والمعوذتين وينفث في يديه ويمسح بهما ما استطاع من جسده» (و) تجوز (التميمة) أي الورقة المشمولة (بشيء من ذلك) المذكور من أسمائه تعالى والقرآن لمريض وصحيح وحائض ونفساء وبهيمة بعد جعلها فيما يقيها، ولا يرقى بالأسماء التي لم يعرف معناها قال مالك ما يدريك لعلها كفر، وكره مالك الرقية بالحديد والملح ونحو خاتم سليمان وقال: لم يكن ذلك من أمر الناس القديم.
إن قلت قال صلى الله عليه وسلم: «يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفاً بغير حساب وهم الذين يرقون ولا يسترقون وعلى ربهم يتوكلون» والجواب: أن الاسترقاء مطلوب لمن لا قدرة له على الصبر على ألم المرض ولا ينافي التوكل ويكون النفي في حق من له قدرة إلخ.
(و) يجوز (التداوي) وقد يجب وسواء كان التداوي (ظاهراً) في ظاهر الجسد كوضع دواء على جرح (وباطناً) كسفوف وشربة لوجع الباطن ويكون (مما علم نفعه في) علم (الطب) وألا يحصل ضرر أكثر مما كان وإذا عالج طبيب عارف ومات المريض من علاجه المطلوب لا شيء عليه وأفضل الدواء خفة المعدة إذ التخمة أصل كل داء.
(و) تجوز (الحجامة) بمعنى تستحب عند الحاجة إليها وقد تجب وينبغي تركها يوم السبت والأربعاء لما ورد: «من احتجم يوم السبت أو يوم الأربعاء فأصابه مرض فلا يلومن إلا نفسه» فقد احتجم بعض العلماء يوم الأربعاء فمرض، فرأى النبي صلى الله عليه وسلم في منامه فشكا إليه ما به فقال: أما سمعت من احتجم يوم الأربعاء؟ إلخ فقال: نعم ولكن لم يصح، فقال: أما يكفيك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال الغزالي: لا ينظر للصحة إلا في باب الأحكام، وقد ورد الأمر بالمراعاة يوم الثلاثاء ويوم الأحد.
(و) يجوز (الفصد) قطع العرق لاستخراج الدم الذي يؤذي الجسد (و) يجوز التداوي بـ (الكي) الحرق بالنار وقيل يستحب وقيل يكره
ــ
«أنه شكا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجعاً يجده في جسده منذ أسلم فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ضع يدك على الذي تألم من جسدك وقل بسم الله ثلاثاً وقل سبع مرات أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر. قال ففعلت ذلك فأذهب الله ما كان من الألم فلم أزل آمر بها أهلي وغيرهم» اهـ. وكأن المصنف يقول هذا إذا رقى نفسه فإن رقى غيره قال أعيذه أو أعيذها بعزة الله وقدرته من شر ما يجد ويحاذر.
قوله: [وقال أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله]: أصل هذا الحديث عن أبي سعيد - رضي الله عنه - قال: «انطلق نفر من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفرة سافروها حتى نزلوا على حي من أحياء العرب فاستضافوهم فأبوا أن يضيفوهم فلدغ سيد ذلك الحي فسعوا له بكل شيء لا ينفعه شيء فقال بعضهم لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا بكم لعله أن يكون عند بعضهم شيء فأتوهم فقالوا يا أيها الرهط إن سيدنا لدغ وسعينا له بكل شيء لا ينفعه شيء فهل عند أحد منكم شيء؟ فقال بعضهم: نعم إني والله لأرقي ولكن والله لقد استضفناكم فلم تضيفونا فما أنا براق لكم حتى تجعلوا لنا جعلاً فصالحوهم على قطيع من الغنم فانطلق وجعل يتفل عليه ويقرأ الحمد لله رب العالمين فكأنما نشط من عقال، فانطلق يمشي وما به قلبة قال فأوفوهم جعلهم الذي صالحوهم عليه، وقال بعضهم اقتسموا فقال الذي رقى لا تفعلوا حتى نأتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنذكر له الذي كان فننظر ما يأمرنا، فقدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكروا له فقال وما يدريك أنها رقية؟ فقال قد أصبتم اقتسموا واضربوا لي معكم سهماً فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم -» اهـ. من مختصر ابن أبي جمرة فقوله: إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله قاله في بعض روايات تلك القصة.
قوله: [وحائض ونفساء]: أي وجنب.
قوله: [ولا يرقى بالأسماء التي لم يعرف معناها]: أي ما لم تكن مروية عن ثقة كالمأخوذة من كلام أبي الحسن الشاذلي كدائرته والأسماء التي في أحزاب السيد الدسوقي والجلجلوتية.
قوله: [والجواب أن الاسترقاء] إلخ: وأجيب أيضاً بأن النهي يحمل على ما إذا اعتقد أن الرؤيا تؤثر بنفسها أو بقوة أودعها الله فيها، فإن الأول كفر والثاني فسق.
قوله: [وألا يحصل ضرر] إلخ: محترز قوله: بما علم نفعه أي وإلا بأن تداوى بما لم يعلم نفعه يحصل الضرر إلخ.
قوله: [وأفضل الدواء] إلخ: أي لما في الحديث: «المعدة بيت الداء والحمية رأس الدواء وأصل كل داء البردة».
قوله [وينبغي تركها يوم السبت]: أي لغير قوي اليقين ولغير المقتدى به وأما هما فلا ينبغي لهما التحرز من تلك الأيام لقول مالك: لا تعاد الأيام فتعاديك.
قوله: [لا ينظر للصحة إلا في باب الأحكام]: أي التكليفية والوضعية وأما فضائل الأعمال والآداب الحكمية فلا تتوقف على ذلك بل يتأنس لها بالحديث الضعيف وبالآثار المروية عن السلف.
قوله: [الأمر بمراعاة يوم الثلاثاء] إلخ: أي بالمحافظة على الحجامة فيهما.