للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتفل نفث بريق (على) جهة (يساره) لأنها جهة الأقذار والشيطان فكأنه يطرده بتحقير ويكرر التفل (ثلاثاً) للتأكيد في طرد الشيطان (وليقل) ندباً (اللهم إني أعوذ بك من شر ما رأيت) في منامي أن يضر بي في ديني ودنياي (وليتحول) ندباً (على شقه الآخر) تفاؤلاً بأن الله يبدل المكروه بالحسن وينبغي له أن لا ينام بل يقوم للدعاء والصلاة. (ولا ينبغي قصها) أي الرؤية التي فيها مكروه ولو على حبيب.

(خاتمة) في جعل آخر كتابه ما يتعلق بالله ورسله من البشارة وحسن الخاتمة ما لا يخفى (كل كائنة في الوجود فهي بقدرة الله تعالى): فهو الموجد للخير والشر وفيه رد على القدرية القائلين: إن العبد يخلق أفعال نفسه الاختيارية. وإن القاتل قطع أجل المقتول، وهذا باطل، بل أماته الله لانقضاء أجله ولو لم يقتل، لاحتمال أن يحيا وأن يموت فلا نجزم بواحد؛ لأنه مغيب عنا وتتعلق القدرة بالمعدوم أيضاً وبالعدم غير الواجب ومن غير الواجب قطع العدم الأزلي فيما لا يزال.

(و) كل كائنة فهي (بإرادته) فهو المريد للشرور خلافاً للمعتزلة إذ الإرادة غير الأمر (على وفق علمه القديم) بالنظر لتعلقها التنجيزي أما الصلاحي فهو أعم فتصلح لتخصيص الشيء على خلاف ما في العلم لكن لا نخصصه بالفعل إلا على وفق العلم تأمل.

ــ

لأن ما في ابن سيرين وابن شاهين صحيح قطعاً لكن لا تتحد الناس فيه بل يختلف بحسب أحوال الناس وأزمانهم وأشغالهم.

قوله: [نفث بريق]: أي قليل وقيل بغير ريق واختلف في التفل والنفث؛ فقيل معناهما واحد ولا يكونان إلا بريق، وقيل النفث بغير ريق وعليه فهو غير مناسب هنا لأن المطلوب طرد الشيطان وإظهار احتقاره واستقذاره.

قوله: [وينبغي له أن لا ينام]: قال في حاشية الرسالة وينبغي له أن لا يعود لمنامه بعد استيقاظه؛ لأنه إن عاد يعود له الشيطان.

قوله: [ولا ينبغي قصها]: قال في حاشية الرسالة تنبيه: الاحتياط إذا رأى ما يحب كتم ما رآه إلا عن حبيب يعلم بتعبير الرؤيا. بخلاف من رأى المكروه فإن المطلوب منه بعد قيامه الصلاة والسكوت عن التحديث بما يراه. اهـ. وعليه بالتضرع والالتجاء إلى الله؛ لأن ما أراه المكروه في منامه إلا ليتحرز منه لما في الحديث: «إذا أراد الله بعبد خيراً عاتبه في منامه».

خاتمة: قوله في جعل آخر كتابه خبر مقدم وما لا يخفى مبتدأ مؤخر وقوله من البشارة وحسن الخاتمة بيان لما لا يخفى، وقوله ما يتعلق بالله ورسله مفعول ثان لجعل وقد أضافه لمفعوله الأول ومحصل كلام الشارح أن فيه حسن اختتام وهو تفاؤل بحسن خاتمة الأستاذ - رضي الله عنه -، وقد ظهرت أمارات حسنها في الخافقين - رضي الله عنه - وعنا به.

قوله: [وفيه رد على القدرية]: أي حيث أتى بكل التي تفيد الاستغراق والعموم.

قوله: [بل أماته الله لانقضاء أجله]: أي فالموت من الله حصل عند القتل لا بالقتل قال في الجوهرة:

وميت بعمره من يقتل .... وغير هذا باطل لا يقبل

قوله: [ولو لم يقتل]: أي على فرض المحال.

قوله: [وتتعلق القدرة بالمعدوم]: أي تعلقاً صلوحياً بأن يقال: إنها صالحة لبقائه على ما هو عليه ولنقله للوجود، وتعلقاً تنجيزياً وهو إبرازها ما كان معدوماً.

وقوله: [أيضاً]: أي كما تتعلق بإعدام الموجود كالقتل المستفاد من قوله أماته الله.

وقوله: [وبالعدم غير الواجب]: الصواب حذف قوله وبالعدم ويجعل قوله: غير الواجب صفة للمعدوم.

قوله: [قطع العدم الأزلي فيما لا يزال]: المراد قطع استمراره وإلا فالأعدام الأزلية من مواقف العقول لا يحكم عليها بقطع، إذا علمت ذلك فالصواب حذف قوله الأزلي.

قوله: [فهو المريد للشرور]: أي كما هو مريد للخير.

وقوله: [خلافاً للمعتزلة]: أي حيث قالوا إن الإرادة تابعة للأمر فلا يريد إلا ما يأمر به.

قوله: [إذ الإرادة غير الأمر]: تعليل للرد عليهم قال في الجوهرة:

وغايرت أمراً وعلماً والرضا كما ثبت

والمناسب أن يقول إذ الإرادة غير لازمة للأمر.

قوله: [على وفق علمه القديم]: متعلق بمحذوف حال من القدرة والإرادة.

قوله: [بالنظر لتعلقها]: أي الإرادة وكذا القدرة فقد حذفه من الأول لدلالة الثاني عليه وهذا هو القضاء والقدر الذي يجب الإيمان بهما كما قال الأجهوري:

إرادة الله مع التعلق ... في أزل قضاؤه فحقق

والقدر الإيجاد للأشياء على ... وجه معين أراده علا

وبعضهم قد قال معنى الأول ... العلم مع تعلق في الأزل

والقدر الإيجاد للأمور ... على وفاق علمه المذكور

وهو المعني في قوله في الحديث: «وأن يؤمن بالقدر خيره وشره».

قوله: [فتصلح لتخصيص الشيء]: أي فهو كناية عن القابلية والتجويز العقلي.

قوله: [لكن لا نخصصه بالفعل]: أي الذي هو تعلقها التنجيزي.

<<  <  ج: ص:  >  >>