للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمشهور: أن للعلم تعلقاً تنجيزياً قديماً وحقق بعض: أن له تنجيزياً حادثاً وهو مقبول عقلاً ونقلاً كما حرره شيخنا العلامة الأمير في حواشي الجوهرة. (ولا تأثير لشيء) كالأسباب من أكل وشرب وغير ذلك (في شيء) من المسببات بل هي أمور عادية يجوز تخلفها ويجوز أن يخلق الله الأشياء بدون أسبابها. (ولا فاعل) يؤثر (غير الله تعالى).

(وكل بركة) نعمة ظاهرية أو باطنية كالعافية والأسرار وما ينشأ من نفع إلخ (في السموات والأرض فهي من بركات نبينا محمد صلى الله عليه وسلم) كما وضح بعضه بعد (الذي هو أفضل خلق الله على الإطلاق) فلا يستثنى أحد من ملك أو رسول من البشر، فهو أفضل من جبريل عليه السلام، خلافاً لمن توقف ومزيد الثناء على جبريل في قوله تعالى: {إنه لقول رسول كريم} [الحاقة: ٤٠] الآية لكون القرآن على أعلى طبقات البلاغة تأمل.

(ونوره) صلى الله عليه وسلم (أصل الأنوار) والأجسام كما قال صلى الله عليه وسلم لجابر رضي الله عنه: «أول ما خلق الله نور نبيك من نوره» الحديث فهو الواسطة في جميع المخلوقات ولولاه ما كان شيء كما قال الله لآدم صلى الله عليه وسلم:

ــ

وقوله: [إلا على وفق العلم]: أي وإلا لانقلب العلم جهلاً.

قوله: [والمشهور أن للعلم تعلقاً تنجيزياً قديماً]: أي وهو إحاطته بالموجودات والمعدومات أزلاً.

قوله: [وحقق بعض أن له تنجيزياً حادثاً]: أي وهو إحاطة علمه بالحادث بعد ظهوره وبه بعد فنائه، ولكن هذه الإحاطة على طبق الإحاطة الأزلية فمن نظر لتلك المطابقة حصره في القديم، وأما الصلاحي فلا يجوز في العلم؛ لأن الصلاحية للعلم من غير اتصاف به جهل.

قوله: [وغير ذلك]: أي كالسكين في القطع والنار في الحرق.

قوله: [من المسببات]: أي التي هي الشبع والري والقطع والحرق.

قوله: [ويجوز أن يخلق الله الأشياء بدون أسبابها]: أي وذلك كخلق عيسى - عليه الصلاة والسلام - بدون أب.

قوله: [ولا فاعل يؤثر]: المراد بالتأثير الإيجاد والإعدام، وأما الفاعل المجازي من حيث إنه سبب في الفعل فيسند لغيره تعالى.

قوله: [إلخ]: أي أو ضر والمراد ضر أهل الكفر والعناد. قوله: [فهي من بركات نبينا] إلخ: أي يجب علينا اعتقاد ذلك ومنكر ذلك خاسر الدنيا والآخرة.

قوله: [خلافاً لمن توقف]: أي وهو الزمخشري.

قوله: [لكون القرآن على أعلى طبقات البلاغة]: جواب عن شبهة الزمخشري لأنه استدل بالآية على أفضلية جبريل فيقال له ليس في الآية دليل؛ لأن القرآن في أعلى طبقات البلاغة وهي مطابقة الكلام لمقتضى حال المخاطبين وهي نزلت رداً على من يذم الواسطة بقولهم طوراً: {إنما يعلمه بشر} [النحل: ١٠٣] وطوراً إنما الذي يعلمه جني فقال الله: {إنه لقول رسول كريم} [الحاقة: ٤٠] الآية، وأما فضل نبينا فهو ثابت عند أعدائه لا نزاع. فيه فكانوا يسمونه بالصادق الأمين ولذلك وبخهم الله في تكذيبهم له بقوله: {أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون} [المؤمنون: ٦٩]

قوله: [الحديث]: أي ونصه: «أن جابر بن عبد الله الأنصاري - رضي الله عنه - قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أول شيء خلقه الله؟ فقال هو نور نبيك يا جابر خلقه الله ثم خلق منه كل خير وخلق بعده كل شر، فحين خلقه أقامه قدامه في مقام القرب اثني عشر ألف سنة، ثم جعله أربعة أقسام: فخلق العرش من قسم، والكرسي من قسم، وحملة العرش وخزنة الكرسي من قسم، وأقام القسم الرابع في مقام الحب اثني عشر ألف سنة، ثم جعله أربعة أقسام: فخلق القلم من قسم، والروح من قسم، والجنة من قسم، وأقام القسم الرابع في مقام الخوف اثني عشر ألف سنة، ثم جعله أربعة أجزاء: فخلق الملائكة من جزء، وخلق الشمس من جزء، وخلق القمر والكواكب من جزء، وأقام الجزء الرابع في مقام الرجاء اثني عشر ألف سنة، ثم جعله أربعة أجزاء: فخلق العقل من جزء، والحلم والعلم من جزء، والعصمة والتوفيق من جزء، وأقام الجزء الرابع في مقام الحياء اثني عشر ألف سنة، ثم نظر إليه فترشح ذلك النور عرقاً، فقطرت منه مائة ألف وعشرون ألفاً، وأربعة آلاف قطرة فخلق الله تعالى من كل قطرة روح نبي أو رسول، ثم تنفست أرواح الأنبياء فخلق الله من أنفاسهم نور أرواح الأولياء والسعداء والشهداء والمطيعين من المؤمنين إلى يوم القيامة؛ فالعرش والكرسي من نوري، والكروبيون والروحانيون من الملائكة من نوري، وملائكة السموات السبع من نوري، والجنة وما فيها من النعيم من نوري، والشمس والقمر والكواكب من نوري، والعقل والعلم والتوفيق من نوري، وأرواح الأنبياء والرسل من نوري، والشهداء والسعداء والصالحون من نتائج نوري، ثم خلق الله اثني عشر حجاباً فأقام النور وهو الجزء الرابع في كل حجاب ألف سنة وهي مقامات العبودية، وهي حجاب الكرامة والسعادة والرؤية والرحمة والرأفة والحلم والعلم والوقار والسكينة والصبر والصدق واليقين، فعبد الله ذلك النور في كل حجاب ألف سنة، فلما خرج النور من الحجب ركبه الله في الأرض فكان يضيء بين المشرق والمغرب كالسراج في الليل المظلم، ثم خلق الله آدم من الأرض وركب فيه النور في جبينه ثم انتقل منه إلى شيث ولده،

<<  <  ج: ص:  >  >>