للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولولاه ما خلقتك» الحديث إذ لولا الواسطة لذهب كما قيل الموسوط.

(والعلم بالله تعالى): أي بما يتعلق به من واجب وجائز ومستحيل (وبرسله) كذلك (وشرعه): أي العلم بما بينه من الأحكام (أفضل الأعمال) إذ لا يصح عمل بدون العلم بالله ورسله وبعد العلم بالله ورسله من لم يعرف الأحكام لا يصح له عمل أو لا يتم إلى آخر ما هو مقرر وشرف العلم بشرف متعلقه.

(وأقرب العلماء إلى الله تعالى) قرب رضاً ومحبة بإرادة الإنعام لهم ويقال قرب معنوي ويقال قرب مكانة (وأولاهم به) أي بمعونته ونصرته (أكثرهم له خشية) قيل الخشية والخوف مترادفان وقيل الخشية أخص فهي خوف مقرون بمعرفة فيخاف عقابه مع تعظيمه تعالى بأنه عدل في فعله قال صلى الله عليه وسلم «إني لأعلمكم بالله وأشدكم له خشية» (وفيما عنده رغبة) فتراهم لاعتمادهم عليه ظهرت فيهم الصفات الحميدة من الزهد إلخ (الواقف على حدود الله) ما حده وبينه (من الأوامر) بامتثال المأمورات (والنواهي) باجتناب المنهيات (المراقب له في جميع أحواله) الظاهرية والباطنية بإجرائها على قوانين الشرع، فيثمر له اليقين القلبي فيكون من المتقين الممدوحين بقوله تعالى: ({إن أكرمكم عند الله أتقاكم} [الحجرات: ١٣]) وقال صلى الله عليه وسلم في وصيته لأصحابه: «أوصيكم بتقوى الله» وقال تعالى: {ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله} [النساء: ١٣١]

(واعلم أن الدنيا دار ممر) محل مرور توصل من وفقه الله لدار القرار إلى آخر ما قال وقال صلى الله عليه وسلم: «كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل» والغريب لا مقصد له إلا محل وطنه وكذلك عابر السبيل المار بالطريق لا يعتني إلا بما يعينه على السفر فليست دار إقامة إذ دار الإقامة الباقية هي الآخرة كما قال (لا دار قرار) قال تعالى: {إنما هذه الحياة الدنيا متاع وإن الآخرة هي دار القرار} [غافر: ٣٩] وقال تعالى: {وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب وإن الدار الآخرة لهي الحيوان} [العنكبوت: ٦٤] الحياة الدائمة.

(وأن مردنا) مرجعنا (إلى الله) فيكرمنا بالإيمان والأعمال وعفوه ورحمته.

(وأن المسرفين هم أصحاب النار) أي الكافرين أصحاب العذاب المؤبد. ومن أسرف بالذنب مع الإيمان ولم يغفر له فهو من أصحاب النار

ــ

وكان ينتقل من طاهر إلى طيب إلى أن وصل إلى صلب عبد الله بن عبد المطلب، ومنه إلى زوجه أمي آمنة، ثم أخرجني إلى الدنيا فجعلني سيد المرسلين وخاتم النبيين ورحمة للعالمين الغر المحجلين هكذا كان بدء خلق نبيك يا جابر». اهـ من شرحنا على صلوات شيخنا المصنف نقلاً عن شيخنا الشيخ سليمان الجمل في أول شرحه على الشمائل عن سعد الدين التفتازاني في شرح بردة المديح عند قوله:

وكل آي أتى الرسل الكرام بها ... فإنما اتصلت من نوره بهم

قوله: [ولولاه ما خلقتك. . . الحديث]: أي ونصه كما في ابن حجر: «ورأى أي آدم نور محمد في سرادق العرش واسمه مكتوباً عليها مقروناً باسمه تعالى فسأل الله عنه؟ فقال له ربه: هذا النبي من ذريتك اسمه في السماء أحمد وفي الأرض محمد ولولاه ما خلقتك ولا خلقت سماء ولا أرضاً، وسأله أن يغفر له متوسلاً إليه بمحمد - صلى الله عليه وسلم - فغفر له». اهـ.

قوله: [إذ لولا الواسطة]: علة لقوله ولولاه ما كان شيء ولقوله ولولاه ما خلقتك وقوله كما قيل أي قولاً صحيحاً فليست الصيغة للتضعيف للنسبة.

قوله: [وبرسله كذلك]: أي من واجب وجائز ومستحيل فالتشبيه في مطلق الواجب والجائز والمستحيل لا في عين ما ذكر، فإن حقيقتها في حق الله غير حقيقتها في حق الرسل كما هو معلوم من أصل الدين.

قوله: [وشرعه]: معطوف على لفظ الجلالة.

قوله: [إذ لا يصح عمل بدون العلم بالله]: تعليل لأفضليته على سائر الأعمال.

قوله: [لا يصح له عمل أو لا يتم]: أي فتتخلف الصحة إن تخلف شرطها ويتخلف التمام إن تخلف شرطه.

قوله: [وشرف العلم بشرف متعلقه]: أي وهو معنى قولهم العلم يشرف بشرف موضوعه

قوله: [أي بمعونته ونصرته]: من إضافة المصدر لفاعله فالضمير عائد على الله أي بمعونة الله إياهم ونصرته لهم.

قوله: [أكثرهم له خشية]: أي لما في الحديث: «ما فضلكم أبو بكر بكثرة صوم ولا صلاة وإنما فضلكم بشيء وقر في قلبه».

قوله: [وأشدكم له خشية]: أي وفي رواية: "وأخوفكم منه" وهي تؤيد أن الخشية والخوف مترادفان، وأعظم ما يستدل به على أفضلية أهل الخشية على غيرهم قوله تعالى: {إنما يخشى الله من عباده العلماء} [فاطر: ٢٨].

قوله: [من الزهد] إلخ: أي والورع والتواضع والحلم وغير ذلك.

قوله: [إن أكرمكم عند الله أتقاكم]: أي أكثركم له تقوى وتقدم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إني لأعلمكم بالله وأشدكم له خشية» فنبينا أتقى الخلق على الإطلاق وحينئذ فالآية شاهدة بأنه أكرم الخلق على الإطلاق.

قوله: [محل مرور]: تفسير لمعنى ممر.

قوله: [إلى آخر ما قال]: لا معنى له فالمناسب حذفه.

قوله: [الحياة الدائمة]: تفسير لما قبله فالمناسب أن يأتي بأي التفسيرية.

قوله: [وعفوه ورحمته]: أي مصحوباً بعفوه ورحمته؛ لأن الإيمان والأعمال وحدهما لا يكفيان العبد في النجاة بدون العفو والرحمة لما في الحديث الشريف: «لا يدخل أحدكم الجنة بعمله قالوا ولا أنت

<<  <  ج: ص:  >  >>