للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أي رفع (عمامته) عن جبهته وجوباً، بحيث لو سجد لأمكن وضع جبهته بالأرض أو بما اتصل بها من فرش ونحوه. (فإن سجد) من حقه الإيماء بالسجود لقروح بجبهته مثلاً (على أنفه صحت) لأنه أتى بما في طاقته من الإيماء - وحقيقة السجود وضع الجبهة على الأرض - وقيل: لا تصح لأنه لم يأت بإيماء ولا سجود

(وإن قدر) المصلي (على الجميع) أي جميع الأركان (إلا أنه إن سجد) بعد أن كبر وقرأ الفاتحة قائماً وركع ورفع منه (لا ينهض): أي لا يقدر على القيام، (صلى ركعة) بسجدتيها وهي الأولى من قيام، (وتمم) صلاته (من جلوس، وإن لم يقدر) على شيء من الأركان (إلا على نية) فقط بأن ينوي الدخول في الصلاة ويستحضرها، فإن قدر مع ذلك على السلام سلم، (أو) قدر على النية (مع إيماء بطرف): أي ولو بطرف (وجبت) الصلاة بما قدر عليه وسقط عنه غير مقدوره.

(ولا يؤخرها) عن وقتها بما قدر عليه (ما دام) المكلف (في عقله).

ثم شرع يتكلم على وجوب قضاء الفوائت والقضاء: استدراك ما خرج وقته فقال:

(ويجب) على المكلف (قضاء): أي فعل واستدراك (ما فاته منها) أي الصلاة بخروج وقته لغير جنون أو إغماء أو كفر أو حيض أو نفاس، أو لفقد الطهرين بل لتركها عمداً، أو لنوم، أو لسهو، وكذا لو فعلها باطلة لفقد ركن أو شرط (ولو شكا): فأولى إن فاتته تحقيقاً أو ظناً.

ويقضيها

ــ

القدرة على أزيد منه، ولا بد على هذا من تمييز أحدهما عن الآخر.

قوله: [أي رفع عمامته عن جبهته]: أي حين إيمائه كما يجب عليه أن يرفع عمامته إن كان يسجد بالفعل وإلا لبطلت صلاته، إلا أن يكون خفيفاً كالطاقة والطاقتين فيكره نظير ما تقدم سواء بسواء.

قوله: [وقيل لا تصح] إلخ: حاصله أن من بجبهته قروح تمنعه من السجود فلا يسجد على أنفه، وإنما يومئ للأرض كما قال ابن القاسم، قال في المدونة: فإن وقع ونزل وسجد على أنفه وخالف فرضه، فقال أشهب: يجزئ. واختلف المتأخرون في مقتضى قول ابن القاسم: هل هو الإجزاء كما قال أشهب أو عدم الإجزاء؟ فالظاهر أن ابن القاسم يوافق أشهب على الإجزاء إذا نوى الإيماء بالجبهة لا إن نوى السجود على الأنف حقيقة فتبطل. وعليه يحمل قول المصنف "صحت" ويشهد له تعليل الشارح بقوله: لأنه أتى بما في طاقته إلخ، وقوله: "وقيل لا تصح" محمول على ما إذا لم ينو الإيماء فلم يكن بين ابن القاسم وأشهب خلاف.

قوله: [وتمم صلاته من جلوس]: لأن السجود أعظم من القيام، وقيل يصلي قائماً إيماءً إلا الأخيرة فيركع ويسجد فيها.

قوله: [وجبت الصلاة بما قدر] إلخ: أي على ما قال ابن بشير في الأولى، وعلى ما قال المازري في الثانية.

قوله: [ولا يؤخرها عن وقتها] إلخ: أي ما لم يكن فاقداً للطهرين مثلاً.

تنبيه: هل المومئ للسجود من قيام أو من جلوس -ولم يقدر على وضع يديه على الأرض- يومئ مع إيمائه بظهره ورأسه بيده أيضاً إلى الأرض؟ وإن كان يومئ له من جلوس يضعهما على الأرض بالفعل -إن قدر- أو لا يومئ بهما؟ تأويلان.

خاتمة: إن خف في الصلاة معذور، بأن زال عذره عن حالة أبيحت له، انتقل وجوباً للأعلى منها فيما الترتيب فيه واجب، كمضطجع قدر على الجلوس، وندباً فيما هو فيه مندوب كمضطجع على أيسر قدر على أيمن. ويجوز مداواة العين ولو أدى إلى الاستلقاء في الصلاة خلافاً لما مشى عليه خليل.

قوله: [ثم شرع] إلخ: أي بعدما فرغ من فرائض الصلاة وما يتعلق بها من سنن ومستحبات ومكروهات ومبطلات وغير ذلك، شرع في الكلام على حكم قضاء الصلاة الفائتة وترتيبها في نفسها ومع غيرها، وبيان كيفية ما يفعل عند الشك في الإتيان أو في عينها أو في ترتيبها، وانجر به الكلام إلى بيان حكم ترتيب الحاضرتين فذكره في أثناء ذلك قوله: [استدراك ما خرج وقته]: أي إدراكه وتحصيله؛ ليسقط عن ذمته.

قوله: [لغير جنون] إلخ: ومثل ما ذكر السكر بحلال فهو من المسقطات كما تقدم.

قوله: [أو لفقد الطهرين]: أي على قول مالك المتقدم.

قوله: [بل لتركها عمداً] إلخ: ابن ناجي على الرسالة. قال عياض: سمعت عن مالك قولة شاذة: لا تقضى فائتة العمد ولا يصح عن أحد سوى داود وابن عبد الرحمن الشافعي، وخرجه صاحب الطراز على قول ابن حبيب بكفره؛ لأنه مرتد أسلم، وخرجه بعض من لقيناه على يمين الغموس اهـ قاله في المجموع.

قوله: [ولو شكاً]: أي في فواتها والحال أنه مستند لقرينة من كونه وجد ماء وضوئه باقياً أو وجد فراش صلاته مطوياً ونحو ذلك، كما إذا شك في الحاضرة فلا يبرأ إلا بيقين مطلقاً لبقاء سلطنة وقتها. ومن القرينة أن يكون شأنه التهاون في الصلاة أو يتقدم له مرض أو سفر شأنه التهاون فيه، وبالجملة فلها هنا شبه بالشك في الطلاق؛ فإنهم قالوا: إذا شك هل طلق لا شيء عليه إلا أن يستند وهو سالم الخاطر لرؤية شخص داخل، شك هل هو المحلوف على دخوله؟ وأما إذا جزم بأصل الطلاق وشك في عدده عاملوه بالأحوط في حليتها له بالأزواج، وكذا هنا إذا جزم بأصل الترك وشك في عين المنسية عاملوه بالأحوط كذا في حاشية المجموع. وأما مجرد الشك من غير علامة فلا يوجب القضاء وأولى الوهم. إن قلت: إن من ظن تمام

<<  <  ج: ص:  >  >>