للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كساكن بجبل أو بقرية صغيرة لا بساتين لها. وينتهي القصر (إلى) مثل (محل البدء) في ذهابه أو إليه نفسه في عوده، فيتم بوصوله إلى البساتين المسكونة، أو إلى البيوت فيما لا بساتين لها (لا) إن سافر (أقل) من أربعة برد فلا يقصر. (وبطلت) إن قصر (في) مسافة (ثلاثة برد) أو أقل (لا أكثر) منها فلا تبطل بقصرها، وذلك من سبعة وثلاثين ميلاً إلى سبعة وأربعين، (وإن منع) القصر في ذلك؛ إذ لا يلزم من المنع البطلان (كالعاصي بسفره) فإنه يحرم عليه القصر، ولكنه إن قصر لم تبطل وأما العاصي في سفره فإنه يسن له القصر قطعاً. والفرق بينهما أن العاصي به نفس سفره معصية، كآبق ومسافر لقطع طريق أو لسرقة أو غصب، والعاصي فيه سفره جائز في نفسه، لكن قد يقع منه فيه المعصية [١] كشرب أو زنا أو سرقة أو غصب. (وكره) القصر (للاهٍ به): أي بالسفر وتصح بالأولى مما قبله وقيل: لا يجوز أيضاً. (ولا يقصر راجع) من سفر لمحل إقامته الذي خرج منه إذا رجع (لدونها) أي دون مسافة القصر، لأن الرجوع يعتبر سفراً مستقلاً. هذا إن رجع تاركاً للسفر، بل (ولو) رجع (لشيء نسيه، إلا أن يخرج رافضاً سكناها) بأن كانت نيته عدم العود إليها باستيطان غيرها (ولم ينو برجوعه الإقامة) القاطعة لحكم السفر، بل لشيء [٢] طرأ له ويرجع لسفره فيقصر في رجوعه. لأن رجوعه حينئذ لا يقطع حكم سفره، فقوله إلا إن إلخ قيد لما بعد المبالغة. وحاصله أن من رجع لدون المسافة لا يقصر ولو رجع لحاجة ما لم يكن خروجه من تلك [٣] البلد بنية رفض سكناها [٤]، ورجوعه لها [٥] إنما هو لمجرد قضاء حاجة منها [٦] بلا نية إقامة أربعة أيام وإلا فيقصر.

(ولا) يقصر (عادل عن) طريق (قصير) دون مسافة القصر إلى السفر في طريق طويل فيه مسافة القصر (بلا عذر) يقتضي العدول إليه، فإن قصر فصحيحة لأن غايته أنه لاهٍ بسفره، والمراد بالعذر مطلق سبب، فإن عدم ولو لأمر مباح قصر قطعاً. (ولا) يقصر (كهائم) الكاف بمعنى مثل والهائم: السائح في الأرض، ولا يقصد إقامة بمحل مخصوص وأدخلت الكاف الراعي يطلب الرعي بمواشيه حيث وجد الكلأ، وطالب ضالة أو آبق متى وجدها رجع (إلا أن يعلم) الهائم ونحوه (قطع المسافة) الشرعية (قبل مرامه): أي مقصده وقد عزم على قطعها حين خروجه فيقصر.

(ولا) يقصر (منفصل) عن البلد أو البساتين المسكونة (ينتظر رفقة) يسافر معهم (إلا أن يجزم بالسير دونها) أي الرفقة؛ أي أنه يسير قبل أربعة أيام ولو لم تجئ (أو) أنه لا يسافر إلا معها وجزم (بمجيئها) والسفر معها (قبل أربعة أيام) فإن جزم بما ذكر قصر في محل الانتظار.

(ولا) يقصر مسافر (ناو إقامة بمكان) في طريقه على دون مسافة القصر (تقطعه) صفة لإقامة: أي إقامة قاطعة للقصر -بأن كانت أربعة أيام فأكثر- كأن يسافر على محل مسافة أربعة برد فأكثر ثم نوى حين خروجه أي [٧] يقيم بمكان على بريدين مثلا أربعة أيام أو أكثر فلا يقصر فيما دون ذلك المكان، (أو) ناو (دخول وطنه) الكائن في أثناء المسافة، (أو) ناو دخول (محل زوجة دخل بها) في ذلك المحل الكائن في أثناء المسافة -لا إن لم يدخل بها فيقصر- ولو كان به أقاربه كولد أو والد حتى ينوي إقامة أربعة أيام، (وهو) أي ما ذكر من المكان أو الوطن أو محل الزوجة. والواو للحال: أي والحال أن ما ذكر (دون المسافة) الشرعية. مثاله: مقيم بمكة أراد السفر إلى المدينة ونوى

ــ

قوله: [كساكن بجبل] إلخ: أي فإنه يقصر إذا جاوز محله، وساكن القرية التي لا بساتين بها مسكونة فإنه يقصر إذا جاوز بيوت القرية والأبنية الخراب التي في طرفها. وكذلك ساكن البساتين يقصر بمجرد انفصاله عن مسكنه سواء كانت تلك البساتين متصلة بالبلد أو منفصلة عنه. كذا في حاشية الأصل.

قوله: [فلا يقصر]: أي يحرم. وليس المراد ما يعطيه لفظه وهو نفي السنية.

قوله: [بطلت إن قصر] إلخ: اعلم أن القصر فيما دون أربعة برد ممنوع اتفاقاً، والنزاع إنما هو فيما بعد الوقوع قال الأجهوري:

من يقصر الصلاة في أميال ... بعد له تبطل بلا إشكال

وقصرها بعد ميم لا ضرر ... وفيما بين ذا وذا الخلف اشتهر

فقيل لا يعيدها أصلاً وقيل ... يعيدها في الوقت فافهم يا نبيل

فمقتضى كلام الأجهوري صحتها في السادس والثلاثين، وكلام شارحنا يقتضي البطلان وهو الذي عول عليه في تقريره.

قوله: [لدونها]: مفهومه أنه إذا رجع بعدها قصر في رجوعه، كما يرشد التعليل.

قوله: [لشيء نسيه]: قال (ر) إذا رجع للبلد الذي سافر منه. وأما لو رجع لغيره لشيء نسيه لقصر في رجوعه قاله ابن عبد السلام. اهـ. (بن) من حاشية الأصل. ورد بالمبالغة على ابن الماجشون القائل: إذا رجع لشيء نسيه فإنه يقصر، لأنه لم يرفض سفره. ومحل الخلاف إذا لم يدخل بعد رجوعه وطنه الذي نوى الإقامة فيه على التأبيد، فإن دخله فلا خلاف في إتمامه.

قوله: [عن طريق قصير]: مقتضى ما ذكره (ح) من تعليلهم بأن ذلك مبني على عدم قصر اللاهي أنه إذا قصر لا يعيد وهو الظاهر، لأن العدول عن القصير للطويل غير محرم. وفي التوضيح: هذا مبني على أن اللاهي بصيده وشبهة لا يقصر فلا شك في قصر هذا. .اهـ. من حاشية الأصل.

قوله: [قصر قطعاً]: أي من غير نهي.

قوله: [ولا يقصر منفصل] إلخ: حاصله أنه إذا خرج من البلد عازماً على السفر ثم أقام قبل مسافته ينتظر


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (معصية).
[٢] في ط المعارف: (شيء).
[٣] في ط المعارف: (هذا).
[٤] في ط المعارف: (سكناه).
[٥] في ط المعارف: (له).
[٦] في ط المعارف: (منه).
[٧] في ط المعارف: (أن)، ولعلها الصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>