للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفرق بأن المقيم دخل على مخالفة إمامه من أول الأمر فاغتفر، وهذا دخل على موافقته فأخطأ ظنه فلم يغتفر. ومفهوم "إن كان مسافراً" أنه لو كان مقيماً صحت فيهما، لكن يرد على الثانية أنه قد دخل على الموافقة لإمامه فتبين خطأ ظنه.

(وإن لم ينو) المسافر (قصراً ولا إتماماً) بأن نوى الظهر مثلاً من غير ملاحظة واحد منهما (ففي صحتها) وعدمها (قولان، وعلى الصحة فهل يلزمه الإتمام) لأنه الأصل (أو يخير) في الإتمام والقصر؟ لأن شأن المسافر القصر: (قولان ولا تجب) على المسافر (نية القصد [١] عند السفر) بل عند الصلاة، حتى إنه لو كان يتم إلى أن بقي من المسافة دون مسافة القصر لطلب منه القصر

(وندب) للمسافر (تعجيل الأوبة) بفتح الهمزة أي الرجوع لوطنه بعد قضاء وطره.

(و) ندب له (الدخول نهاراً) - لا خصوص الضحى - وكره الطروق ليلاً

(و) ندب له (استصحاب هدية) لعياله وجيرانه لأنه أبلغ في السرور.

ولما كان السفر من أسباب الجمع بين مشتركتي الوقت، شرع في الكلام على جمعهما فيه، وأتبعهما بالكلام على جمعهما في غيره. وأسبابه ستة: السفر، والمطر، والوحل مع الظلمة، ونحو الإغماء، وعرفة، ومزدلفة - إلا أنه أخر الأخيرين لمحلهما - فقال:

(ورخص) جوازاً (له): أي للمسافر رجلاً أو امرأة (في جمع الظهرين) والعشاءين كما يأتي (ببر): أي فيه لا في بحر؛ قصراً للرخصة على موردها،

(وإن قصر) السفر على مسافة القصر (أو لم يجد) بتشديد الدال المهملة أي ولم يكن حثيثاً (إن زالت الشمس) على المسافر حال كونه (نازلاً) بمكان -منهلاً أو غيره- (ونوى) عند الرحيل قبل وقت القصر (النزول بعد الغروب)، فيجمعهما جمع تقديم؛ بأن يصلي الظهر في وقتها الاختياري، ويقدم العصر فيصليها معها قبل رحيله لأنه وقت ضرورة لها، اغتفر للمشقة. (فإن نواه) أي النزول (قبل) دخول (الاصفرار أخر العصر) وجوباً لوقتها الاختياري، فإن قدمها أجزأته (و) إن نوى النزول (بعده) أي بعد دخول الاصفرار (خير فيها): أي العصر إن شاء قدمها

ــ

قوله: [وفرق] إلخ: حاصل الفرق أن المأموم هنا لما خالف سنة -وهي القصر- وعدل إلى الإتمام لاعتقاده أن الإمام المقيم كانت نيته معلقة، فكأنه نوى الإتمام إن كان الإمام متماً، وقد ظهر بطلان المعلق عليه وحينئذ فيبطل المعلق وهو الإتمام بخلاف المسألة الأخرى، فإنه ناو الإتمام على كل حال. اهـ. من حاشية الأصل.

قوله: [قولان]: أي سواء صلاها حضرية أو سفرية. هذا هو الصواب خلافاً ل (عب) حيث قال: محل التردد إن صلاها سفرية، وإلا صحت اتفاقاً قال في الحاشية: ينبغي أن يكون محل التردد في أول صلاة صلاها في السفر؛ فإن كان قد سبق له نية القصر، فإنه يتفق على الصحة فيما بعد إذا قصر لأن نية القصر قد انسحبت عليه فهي موجودة حكماً. وكذا يقال فيما إذا نوى الإتمام في أول صلاة ثم ترك نية القصر والإتمام فيما بعدها وأتم.

قوله: [وندب للمسافر تعجيل الأوبة] إلخ: أي فمكثه بعد قضاء حاجته في المكان الذي كان فيه خلاف الأولى، لأنه من ضياع الزمن فيما لا يعني، والوطر هو الحاجة قال الله تعالى: {فلما قضى زيد منها وطرا} [الأحزاب: ٣٧] أي حاجة.

قوله: [وندب له الدخول نهاراً]: أي ويكره ليلاً في حق ذي زوجة، ففي مسلم والنسائي من طريق جابر بن عبد الله: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطرق الرجل أهله ليلاً يتخونهم أو يطلب عثراتهم» اهـ والطروق: هو الدخول من بعد.

واعلم أنه يستحب لمن أراد الخروج للسفر أن يذهب لإخوانه يسلم عليهم ويودعهم ويسألهم الدعاء، وأن يودعوه ويدعوا له بما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن جاء يريد سفراً، ويلتمس أن يزوده فقال له صلى الله عليه وسلم: «زودك الله التقوى، ووقاك الردى، وغفر ذنبك، ويسرك للخير حيثما كنت» رواه الترمذي والحاكم عن أنس.

وأما إذا قدم من السفر فالمستحب لإخوانه أن يأتوا إليه ويسلموا عليه، وما يقع من قراءة الفاتحة عند الوداع فأنكره الشيخ عبد الرحمن التاجوري، وقال: إنه لم يرد في السنة. وقال الأجهوري: بل ورد فيها ما يدل لجوازه، وهو غير منكر. وما ذكره من كراهة القدوم ليلاً - في حق ذي الزوجة - كانت الغيبة قريبة أو بعيدة على المعتمد، خلافاً لما يفيده (عب) من اختصاص الكراهة بطول الغيبة. ومحل الكراهة المذكورة لغير معلوم القدوم، وأما من علم أهله بوقت قدومه فلا يكره له الطروق ليلاً، ويستحب ابتداء دخوله بالمسجد.

قوله: [وندب له استصحاب هدية] إلخ: أي لورود الأمر بها في الأحاديث.

قوله: [لمحلهما]: أي وهو باب الحج.

قوله: [رجلاً أو امرأة]: أي وسواء كان راكباً أو ماشياً على ما في طرر ابن عات خلافاً لمن خصه بالراكب.

قوله: [ببر] إلخ: وأجازه الشافعية بالبحر أيضاً.

قوله: [وإن قصر السفر] إلخ: أي ولكن لا بد في الجواز من كونه غير عاص به ولاه جمعاً فلا إعادة بالأولى من القصر. كذا في حاشية الأصل.

قوله: [أو لم يجد] إلخ: أي فقول الشيخ خليل وفيها شرط الجد بالكسر أي الاجتهاد في السير ضعيف.

قوله: [بمكان منهلاً أو غيره]: أي فقول خليل بمنهل مراده مكان النزول وإن لم يكن به ماء، وإن كان المنهل في الأصل مكان الماء.

قوله: [فيجمعهما جمع تقديم]: أي ويؤذن لكل منهما.

قوله: [لأنه وقت ضرورة لها] إلخ: أي بالنسبة للمسافر.

قوله: [أخر العصر وجوباً]: أي غير شرط بدليل قوله فإن قدمها أجزأت


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (القصر)، ولعلها الصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>