للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فصل: في حكم [١] صلاة الخوف وكيفيتها

(سن لقتال جائز) أي مأذون فيه؛ واجباً كان كقتال الحربيين والبغاة القاصدين الدم وهتك الحريم، أو جائزاً كقتال مريد المال من المسلمين.

(أمكن [٢] تركه) أي القتال (لبعض) من القوم والبعض الآخر فيه مقاومة للعدو أيضاً (قسمهم) أي القوم (قسمين وعلمهم) الإمام كيفيتها وجوباً إن جهلوا وندباً إن كانوا عارفين، حذراً من تطرق الخلل (وصلى بأذان وإقامة بالأولى) من الطائفتين (ركعة في) الصلاة (الثنائية) كالصبح والمقصورة (و) صلى بهم (ركعتين بغيرها): أي الثنائية وهي الرباعية بأن كانوا يحضروا [٣] الثلاثية، (ثم قام) بعد التشهد في غير الثنائية ولا تشهد في الثنائية (داعياً أو ساكتاً مطلقاً) في الثنائية وغيرها (أو قارئاً في الثنائية) فقط؛ ففي الثنائية يخير بين أمور ثلاثة: الدعاء بالنصر والفرج ورفع الكرب، والسكوت والقراءة لأنه يعقب الفاتحة فيها السورة فله أن يطول ما شاء، ويخير في غير الثنائية وهي الرباعية والثلاثية بين أمرين الدعاء والسكوت، إذ لا قراءة بعد الفاتحة (فأتمت) الطائفة الأولى حال قيامه صلاتها (أفذاذاً وانصرفت) بعد سلامها تجاه العدو للقتال (فتأتي) الطائفة (الثانية) التي كانت تجاه العدو فتحرم خلفه (فيصلي بها ما بقي) له (فإذا سلم) الإمام

ــ

فصل في كم صلاة الخوف

قوله: [وكيفيتها]: أي الكيفية المخصوصة التي تفعل حال الخوف، والمعول عليه «أن النبي صلى الله عليه وسلم صلاها في ثلاثة مواضع: ذات الرقاع وذات النخيل وعسفان»، خلافاً لمن قال صلاها في عشرة مواضع.

قوله: [سن لقتال]: أي وهو الذي في الرسالة ونقله ابن ناجي عن ابن يونس وقيل إنها مندوبة وهو ما نقله سند عن المواز، والراجح الأول.

قوله: [كقتال مريد المال]: إن قلت إن حفظ المال واجب وحينئذ فمقتضاه أن يكون قتال مريد أخذه واجباً حتى يتحقق الحفظ الواجب. قلت معنى وجوب حفظه أنه لا يجوز إتلافه بنحو إحراق أو تغريق مثلاً، وهذا لا ينافي جواز تمكين الغير من أخذه له ما لم يحصل موجب لتحريمه؛ كأن يخاف على نفسه التلف إن أمكن غيره منه.

وقوله: [من المسلمين]: حال من مريد المال.

ومفهوم قوله: "جائزاً": لو كان القتال حراماً كقتال البغاة للإمام العدل وكقتال أهل الفسوق الذين اشتهروا بسعد وحرام، فلا يجوز لهم ذلك.

قوله: [قسمهم]: نائب فاعل سن، أي فيقسمهم ويصلي بهم في الوقت. فالآيسون من انكشاف العدو يصلون أول المختار، والمترددون وسطه والراجون آخره. وفي (بن) طريقة بعدم هذا التفصيل وأنهم يصلون أول المختار مطلقاً. وإذا قسمهم فلا يشترط تساوي الطائفتين؛ بل المدار على أن الأخرى تناوئ العدو. ويصلي بهم صلاة القسمة وإن كانوا متوجهين جهة القبلة خلافاً لمن قال بعدم القسم حينئذ، بل يصلون جماعة واحدة. بل وإن كانوا على دوابهم يصلون بالإيماء، وكذلك إمامهم يصلي بالإيماء. وهذه مستثناة مما مر من قولهم: المومئ؛ لا يؤم المومئ لأن المحل محل ضرورة. والحاصل أنهم هنا يصلون على الدواب إيماء مع القسم لإمكانه، بخلاف ما يأتي فإنهم يصلون على دوابهم أفذاذاً لعدم إمكان القسم كذا في الحاشية.

قوله: [وصلى بأذان] إلخ: إما عطف على قوله: "وعلمهم": أي والحكم أنه يصلي بأذان وإقامة، ويحتمل أن تكون هذه الجملة مستأنفة استئنافاً بيانياً كأن قائلاً قال له إذا قسمهم فما كيفية ما يفعل؟ فأجابه بقوله: وصلى إلخ، والباء في قوله: "بأذان": بمعنى مع، وفي قوله: "بالأولى": للملابسة وكل منهما متعلق بصلى. فلم يلزم عليه تعلق حرفي جر متحدي اللفظ والمعنى بعامل واحد.

قوله: [كالصبح والمقصورة]: أي وكالجمعة؛ فإنها من الثنائية، لكن لا يقسمهم إلا بعد أن تسمع كل طائفة الخطبة، ولا بد أن تكون كل طائفة اثني عشر فإن كان كل طائفة أكثر من اثني عشر فلا بد من سماع الخطبة لاثني عشر من كل، ثم إنه يصلي بالطائفة الأولى ركعة وتقوم فتكمل صلاتها وتسلم أفذاذاً، ثم تأتي الطائفة الثانية تدرك معه الركعة الباقية ويسلمون بعد إكمال صلاتهم، وهذا مستثنى من قولهم: لا بد من بقاء الاثني عشر لسلامها لأن المحل ضرورة، ولذلك قال في المجموع - فيلغز من جهتين: جمعة لا يكفي فيها اثنا عشر يسمعون الخطبة، وجمعة صحت من غير بقاء اثني عشر لسلام الإمام. اهـ. قال في حاشيته: ومقابل هذا يخطب لاثني عشر يستمرون مع الإمام في الطائفتين لكن يلزمه أنهم قسموا أثلاثاً. اهـ.

قوله: [والقراءة]: أي بما يعلم أنه لا يتمها حتى تفرغ الأولى من صلاتها وتدخل معه الطائفة الثانية.

قوله: [فأتمت الطائفة الأولى]: وهل يسلمون على الإمام كالمسبوق؟ ذكر شيخ المشايخ في حاشية أبي الحسن عدمه، ويردون على من باليسار. وإذا بطلت صلاة الإمام بعد مفارقتهم لم تبطل عليهم.

قوله: [أفذاذاً]: فإن أمهم أحدهم سواء كان باستخلافهم له أم لا فصلاته تامة وإن نوى الإمامة، إلا لتلاعب، وصلاتهم فاسدة كما في الطراز عن ابن حبيب. وكذلك يقال في الطائفة الثانية. وإنما فسدت عليهم لأنه لا يصلى بإمامين في صلاة واحدة في غير الاستخلاف.


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] ليست في ط المعارف.
[٢] زاد قبلها في ط المعارف: (إن).
[٣] في ط المعارف: (يحضرون).

<<  <  ج: ص:  >  >>