للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وتدورك) الميت (إن خولف) بأن جعل ظهره للقبلة، أو نكس بأن جعل رجلاه مكان رأسه بأن يحول إلى الحالة المطلوبة (إن لم يسو عليه التراب)، وإلا ترك وشبه في مطلق التدارك قوله: (كترك الغسل أو الصلاة) عليه فإنه يتدارك ويخرج من القبر لهما ولو سوي عليه التراب (إن لم يتغير) الميت (وإلا) -بأن مضى زمن يظن به تغيره (صلى على القبر ما بقي) أي مدة ظن بقاء الميت (به)، أي فيه ولو بعد سنين، وهذا ظاهر إذا غسل وإلا ففيه نظر.

(و) ندب (سده) أي اللحد والشق (بلبن) وهو الطوب النيء، فإن لم يوجد (فلوح) من خشب (فقرمود) بفتح القاف وسكون الراء -طوب يجعل على صورة وجوه الخيل، (فقصب) لكن يقدم عليه الآجر بالمد وضم الجيم الطوب المحروق: (وإلا) يوجد شيء من ذلك (فسن التراب) بباب اللحد، وينبغي أن يلت بالماء ليتماسك (أولى) عند العلماء (من) دفنه في (التابوت) أي السحلية تجعل كالصندوق يدفن فيها النصاري أمواتهم وهو من سنتهم.

(و) ندب (رفعه) أي القبر برمل وحجارة أو نحو ذلك (كشبر مسنماً) أي كسنام البعير لا مسطباً.

(و) ندب للناس (تعزية أهله) أي تسليتهم وحملهم على الصبر.

(و) ندب للجار ونحوه (تهيئة طعام لهم) أي لأهل الميت (إلا أن يجتمعوا على محرم) من ندب ولطم ونياحة، فلا.

(و) ندب لأهله (التصبر): أي إظهار الصبر، (والتسليم للقضاء): أي لقضاء الله مالك الملك العليم الخبير، (كتحسين المحتضر): تشبيه في الندب وهو من إضافة المصدر لفاعله و (ظنه) مفعوله: أي يندب للمحتضر أن يحسن ظنه (بالله بقوة الرجاء فيه)، أي بسبب قوة رجائه في الله تعالى، أي فيما عنده من الكرم والرحمة والمسامحة، لأنه أكرم الأكرمين يعفو عن السيئات ويقيل العثرات فيقدم الرجاء على الخوف.

(و) يندب للحاضر عنده (تلقينه الشهادتين بلطف) بأن يقول عنده: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله" ولا يقول له: "قل"، ولا يلح عليه لأن الساعة ساعة ضيق وكرب، وربما كان الإلحاح عليه سبباً في تغيره والعياذ بالله تعالى أو زيادة الضيق عليه.

(ولا يكرر) التلقين عليه (إن نطق بهما إلا أن يتكلم بأجنبي) من الشهادتين فيلقن ليكون آخر كلامه من الدنيا التكلم بهما.

(و) ندب (استقباله) للقبلة (عند شخوصه) ببصره

ــ

المجالس، أي وتحل عقد كفنه وتمد يده اليمنى على جسده، ويعدل رأسه بالتراب ورجلاه برفق، ويجعل التراب خلفه وأمامه لئلا ينقلب، فإن لم يتمكن من جعله على شقه الأيمن فعلى ظهره مستقبلاً للقبلة بوجهه، فإن لم يمكن فعلى حسب الإمكان.

قوله [وتدورك الميت]: أي استحباباً.

قوله: [وشبه في مطلق التدارك]: أي لأن هذا التدارك واجب إن لم يخف عليه التغير تحقيقاً أو ظناً فالتشبيه مختلف.

قوله: [وإلا ففيه نظر]: وجه النظر المنافاة لقوله فيما تقدم "وهما متلازمان" ويجاب بما تقدم عن (ر): بأن معنى التلازم في الطلب ابتداء فإن تعذر أحدهما وجب الآخر لما في الحديث الشريف: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه بما استطعتم».

قوله: [وهو الطوب النيء]: أي كما فعل به عليه الصلاة والسلام وأبي بكر وعمر، وظاهره سواء كان مصنوعاً بالقالب أم لا.

قوله: [الآجر]: وبعد الآجر الحجر.

قوله: [وهو من سنتهم]: ولذا قال ابن عات التابوت مكروه عند أهل العلم وليس هو من عادة العرب، بل هو من عادة الأعاجم وأهل الكتاب.

قوله: [كشبر مسنماً]: إنما استحب ذلك ليعرف به، وإن زيد على الشبر فلا بأس به، وكراهة مالك لرفعه محمولة على رفعه بالبناء لا رفع ترابه عن الأرض مسنماً، وعلى هذا تأولها عياض بأن قبره عليه الصلاة والسلام مسنم كما في البخاري وكذا قبر أبي بكر وعمر وهو أثبت من رواية تسطيحها، لأنه زي أهل الكتاب وشعار الروافض. اهـ. خرشي.

قوله: [تعزية أهله]: أي لخبر: «من عزى مصاباً كان له مثل أجره»، قال الجوهري: هي الحمل على الصبر بوعد الأجر والدعاء للميت والمصاب. ابن حبيب في التعزية ثواب كثير، ابن القاسم ثلاثة أشياء: أحدها: تهوين المصيبة على المعزى وتسليته عنها وحضه على التزام الصبر واحتسابه الأجر والرضا بالقدر والتسليم لأمر الله تعالى.

الثاني: الدعاء بأن يعوضه الله تعالى عن مصابه جزيل الثواب.

الثالث: الدعاء للميت والترحم عليه والاستغفار له. ويجوز أن يجلس الرجل للتعزية كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم حين جاء خبر جعفر وزيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة ومن قتل معهم بمؤتة، اسم مكان. وواسع كونها قبل الدفن وبعده، والأولى عند رجوع الولي إلى بيته.

قوله: [أي لأهل الميت]: أي لاشتغالهم بميتهم، وجمع الناس على طعام بيت الميت بدعة مكروهة لم ينقل فيها شيء وليس ذلك موضع ولائم. وأما عقر البهائم وذبحها على القبر فمن أمر الجاهلية مخالف لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا عقر في الإسلام»، قال العلماء العقر الذبح على القبر. كذا في الحاشية.

قوله: [فيقدم الرجاء على الخوف]: أي وأما الصحيح ففيه أقوال ثلاثة: قيل مثل المحتضر وهو لابن العربي، وقيل: يعتدل عنده جانب الخوف والرجاء فيكون كجناحي الطائر متى رجح أحدهما سقط، وقيل: يطلب منه غلبة الخوف ليحمله على كثرة العمل، وهذا هو التحقيق عندنا.

قوله: [تلقينه الشهادتين]: أي لحديث: «لقنوا موتاكم لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله»

<<  <  ج: ص:  >  >>