للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ارتد) لأن ردة الصغير معتبرة فأولى غيره (أو) كان الكافر الصغير عبداً (نوى به مالكه الإسلام وهو): أي والحال أنه (كتابي): وهذا قيد لا بد منه تركه المصنف، فإن كان مجوسياً ونوى به مالكه الإسلام فإنه يغسل ويصلى عليه لأنه مسلم حكماً. وقولنا: "مالكه" أعم من قوله: "سابيه".

(وإن اختلطوا) أي الكفار بمسلمين ولم يميزوا (غسلوا) جميعاً للضرورة وصلي عليهم. (وميز المسلم) منهم (في) حال (الصلاة) عليهم (بالنية) بأن ينوى بالصلاة على المسلم منهم (كشهيد معترك) يحرم الغسل والصلاة عليه (لحياته ولو) كان شهيداً (ببلاد الإسلام أو لم يقاتل) كأن يصيبه السهم وهو نائم، (أو قتله مسلم خطأ) يظنه كافراً أو قصد كافراً فأصابه، وكذا إذا رجع عليه سيفه أو سهمه أو تردى من شاهق فمات حال القتال، (أو رفع) عطف على ما في حيز المبالغة أي ولو رفع حياً (منفوذ المقاتل) فإنه لا يغسل ولا يصلى عليه، خلافاً للمصنف.

(كالمغمور) فإنه لا يغسل اتفاقاً إذا استمر في غمرته لم يأكل ولم يشرب ولم يتكلم حتى مات.

(ودفن) وجوباً (بثيابه المباحة) لا المحرمة كالحرير (إن سترته) جميعه، (وإلا) تستره (زيد) عليها قدر ما يستر ما لم يكن مستوراً من وجه أو رجل أو غيرهما، فإن وجد عرياناً ستر جميع جسده (بخف) أي مع خف (وقلنسوة) هي ما يلف عليها العمامة (ومنطقة) قل ثمنها لا إن كثر (وخاتم) مباح (قل فصه) أي قيمة فصه (لا) يدفن بآلة حرب من (درع وسلاح) لأنه من إضاعة المال بغير وجه شرعي.

(والقبر حبس على الميت لا ينبش): أي يحرم نبشه (ما دام) الميت (به): أي فيه (إلا لضرورة) شرعية كضيق المسجد الجامع، أو دفن آخر معه عند الضيق أو كان القبر في ملك غيره وأراد إخراجه منه أو كفن بمال الغير بلا إذنه وأراد ربه أخذه

ــ

والمراد أنه كافر عند الموت، سواء كان كفره سابقاً أو طرأ له الكفر عند الموت والعياذ بالله.

قوله: [ارتد]: أي ومات على ذلك وهذا حيث كان مميزاً، وإلا فلا تعتبر ردته بالإجماع. قوله: [أي والحال أنه كتابي]: أي لأن صغار الكتابيين لا يجبرون على الإسلام على الراجح، وكبارهم لا يجبرون عليه اتفاقاً، والمراد بالكبير من يعقل دينه لا البالغ فقط.

قوله: [لأنه مسلم حكماً]: أي لأنه يجبر على الإسلام.

وهل الذي يجبر على الإسلام يكون مسلماً بمجرد ملك المسلم له؟ وهو لابن دينار.

أو حتى ينوي مالكه إسلامه؟ وهو لابن وهب.

أو حتى يقدم ملكه ويزييه بزي الإسلام؟ وهو لابن حبيب.

أو حتى يعقل ويجيب حين إثغاره؟ نقله ابن رشد.

خامسها حتى يجيب بعد احتلامه وظاهر كلام شارحنا ترجيح القول الثاني ولا فرق بين كون المجوسي كبيراً أو صغيراً.

قوله: [غسلوا جميعاً] إلخ: أي ومؤنة غسلهم وكفنهم من بيت المال، إن كان المسلم فقيراً لا مال له، ولا يقال: الكافر لا حق له في بيت المال؛ لأنه يقال غسل المسلم وتكفينه ومواراته لا تتأتى إلا بفعل ذلك في الكافر، وما لا يتحقق الواجب إلا به فهو واجب. وأما إن كان للمسلم مال فإن مؤنة جميعهم تؤخذ من مال المسلمين منهم. وهذا إذا كان المختلط بالكفار مسلماً غير شهيد، أما إذا اختلط الشهيد بالكفار فإنه لا يغسل واحد منهم، ويدفنون بمقبرة المسلمين تغليباً لحق المسلم. بقي ما لو اختلط مسلم يغسل بشهيد معركة، فالظاهر أن يغسل الجميع ويكفنوا مع دفنهم بثيابهم احتياطا في الجانبين وصلي عليهم ويميز غير الشهيد بالنية.

قوله: [كشهيد [١] معترك]: شروع في محترز الشرط الرابع، ثم إن كلامه يقتضي أن مقتول الحربي بغير معركة يغسل ويصلى عليه وهو قول ابن القاسم، ومقتضى موضع من المدونة. وروى ابن وهب: لا يغسل شهيد كافر حربي بغير معركة لكونه له حكم من قتل به وهو نص المدونة في محل آخر، وتبعه سحنون وأصبغ وابن يونس وابن رشد. وذكر شيخ المشايخ العدوي أن ما قاله ابن وهب

هو المعتمد وقد اتفق سنة ١٠٥٢ اثنين وخمسين وألف أن أسرى نصارى بأيدي مسلمين أغاروا بسكندرية وقت صلاة الجمعة والمسلمون في صلاتها فقتلوا جماعة من المسلمين فأفتى العلامة الأجهوري بعدم غسلهم وعدم الصلاة عليهم. اهـ. من حاشية الأصل.

قوله: [لحياته]: علة لحرمة الغسل والصلاة عليه، وقيل علة ذلك أنه مغفور له وقيل كماله. واعترض بأن الأنبياء أحياء كاملون مغفور لهم مع أن غسلهم والصلاة عليهم مطلوبان. أجيب بأن عدم الغسل والصلاة مزية، والمزية لا تقتضي الأفضلية.

قوله: [أو قتله مسلم]: في الحطاب أن هذا يغسل ويصلى عليه، ومثله من داسته الخيل واعتمده بن.

قوله: [فإنه لا يغسل ولا يصلى عليه]: أي لو كان في جميع المسائل جنباً قاله أشهب وأصبغ وابن الماجشون.

قوله: [خلافاً للمصنف]: أي العلامة خليل.

وحاصل كلامه: أنه إذا رفع حياً فإنه يغسل ولو منفوذ المقاتل ما لم يكن مغموراً وهو المشهور من قول ابن القاسم كما نقله في التوضيح عن ابن بشير، ولكن شارحنا اعتمد طريقة سحنون من أنه متى رفع منفوذ المقاتل أو مغموراً فلا يغسل ولا يصلى عليه، وهو الذي اقتصر عليه ابن عبد البر، فهما طريقتان واعتمد بن ما قاله خليل محتجاً بتغسيل عمر رضي الله عنه بمحضر الصحابة مع أنه رفع منفوذ المقاتل، وفي هذا الاحتجاج نظر لأهل النظر.

قوله. [ودفن وجوباً]: أي لقوله صلى الله عليه وسلم: «زملوهم بثيابهم اللون لون الدم والريح ريح المسك».

قوله: [لا المحرمة كالحرير]: أي فالظاهر كراهة دفنه بها.

قوله: [من وجه أو رجل]: بيان ل "ما".

قوله: [وأراد إخراجه منه] إلخ: حاصله أنه إذا دفن في ملك غيره بغير إذنه فقال ابن رشد للمالك إخراجه مطلقاً


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (وكشهيد).

<<  <  ج: ص:  >  >>