للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قبل تغيره، أو دفن معه مال من حلي أو غيره، ومفهوم "ما دام" أنه إذا علم أن الأرض أكلته ولم يبق شيء من عظامه فإنه ينبش؛ لكن للدفن أو اتخاذ محلها مسجداً لا للزرع والبناء.

(وأقله): أي القبر (ما منع رائحته) أي الميت (وحرسه) من السباع، ولا حد لأكثره، وندب عدم عمقه.

(ورمي ميت البحر) بعد غسله والصلاة عليه (به) أي فيه (إن لم يرج البر قبل تغيره)، وإلا وجب تأخيره للبر.

(وحرم نياحة): على الميت من نساء أو رجال (ولطم) على وجه وصدر (وشق جيب وقول قبيح) نحو وا مصيبتاه وا ولداه (وتسخيم وجه أو ثوب) بطين أو نيلة.

(و) حرم (حلق) لشعر رأس لما في ذلك من إظهار عدم الرضاء بالقضاء والصبر لحكم الله المالك لكل شيء.

(ولا يعذب) الميت ببكائه عليه من أهله إذا (لم يوص) الميت (به) وإلا عذب لأنه أوصى بحرام.

(و) الميت (ينفعه صدقة) عليه من أكل أو شرب أو كسوة أو درهم أو دينار، (ودعاء) له بنحو: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه بالإجماع لا بالأعمال البدنية كأن تهب له ثواب صلاة أو صوم أو قراءة قرآن كالفاتحة، وقيل ينتفع بثواب ذلك والله أعلم بحقيقة الحال.

ولما أنهى الكلام على أحكام الصلاة انتقل ليتكلم على أحكام الزكاة [١] وهي [٢] لغة: النمو والزيادة، وشرعاً: إخراج مال مخصوص من مال مخصوص بلغ نصاباً لمستحقه

ــ

سواء طال الزمان أم لا، وقال اللخمي: له إخراجه إن كان بالفور، وأما مع الطول فلا، وجبر على أخذ القيمة، وقال ابن أبي [٣] زيد: إن كان بالقرب فله إخراجه، وإن طال فله الانتفاع بظاهر الأرض ولا يخرجه، انظر بن كذا في حاشية الأصل، وأما لو كان القبر في حبس على عموم الناس ودفن فيه شخص غير بانيه فليس للباني إلا قيمة الحفر والبنيان ولا يخرج منه الميت أصلاً.

قوله: [قبل تغيره]: أي وأما بعد التغير فليس له إلا قيمته من تركة الميت يبدأ بها.

قوله: [أو دفن معه مال]: وتشق بطنه أيضاً إن ثبت أنه ابتلع مالاً نصاب زكاة ولو بشاهد ويمين، قال في المجموع الظاهر أنه لا يتأتى هنا يمين استظهار لعدم تعلقها بالذمة فيلغز بها دعوى على ميت ليس فيها يمين استظهار، فإن لم يوجد في بطنه المال عزر المدعي والشاهد، ولا يشق بطن المرأة عن جنين ولو رجي حياته على المعتمد لأن سلامته مشكوكة فلا تنتهك حرمتها له، ولكن لا تدفن حتى يتحقق موته ولو تغيرت. وأما جنين غير الآدمي فإنه يبقر عنه إذا رجي حياته قولاً واحداً. وهناك قول ضعيف يقول: بالبقر في جنين الآدمي أيضاً. وعليه: يشق عليه من خاصرتها اليسرى إن كان الحمل أنثى، ومن اليمنى إن كان الحمل ذكراً، واتفقوا على أنه إن أمكن إخراجه بحيلة غير الشق وجب.

قال بعضهم: إنه مما لا يستطاع لأنه لا بد لإخراجه من القوة الدافعة، وشرط وجودها الحياة إلا لخرق العادة كذا في الحاشية.

قوله: [لكن للدفن] إلخ: قال صاحب المدخل اتفق العلماء على أن الموضع الذي يدفن فيه المسلم وقف ما دام شيء موجوداً فيه حتى يفنى فإن فني فيجوز حينئذ دفن غيره فيه، فإن بقي شيء من عظامه فالحرمة باقية لجميعه.

قال بعضهم: ولا يجوز أخذ أحجار المقابر العافية لبناء قنطرة أو دار، ولا حرثها للزراعة، لكن لو حرثت جعل كراؤها في مؤن دفن الفقراء.

قوله: [ورمي ميت البحر] إلخ: ولا يثقل بحجر ونحوه لرجاء أن يأتي إلى البر فيدفنه أحد.

قوله: [ولطم] إلخ: لما في الحديث: «ليس منا من حلق وخرق وذلق وسلق».

الأول: حلق الشعر.

والثاني: خرق الثوب

والثالث: ضرب الخدود.

والرابع: الصياح في البكاء وقبيح [٤] القول. قال زروق عن القوري: ووه معناها بالفارسية: لا أرضى يا رب، وأما ما يفعله النساء من الزغروتة عند حمل جنازة صالح أو عند فرح، فإنه من معنى رفع الصوت وإنه بدعة يجب النهي عنها.

قوله: [لأنه أوصى بحرام]: ومثل وصيته علمه به ورضاه.

قوله: [وقيل ينتفع] إلخ: وأيده بن بقوله إن القراءة تصل للميت وإنها عند القبر أحسن مزية، وإن العز بن عبد السلام رؤي بعد الموت فقيل له: ما تقول فيما كنت تنكر من وصول ما يهدى من قراءة القرآن للموتى؟ فقال: هيهات، فقد وجدت الأمر على خلاف ما كنت أظن.

قوله: [ولما أنهى الكلام على أحكام الصلاة]: قدمها لأنها أعظم أركان الإسلام بعد الإيمان بالله، وأوصل بها الزكاة؛ لأنهما لم يقعا في كتاب الله إلا هكذا [٥].

قوله: [النمو والزيادة]: يقال زكا الزرع إذا نما وطاب وحسن، ويقال فلان زاك أي كثير الخير، وسميت به وإن كانت تنقص المال حساً لنموه في نفسه عند الله كما في حديث: «ما تصدق عبد بصدقة من كسب طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب، إلا كأنما يضعها في كف الرحمن فيربيها له كما يربي أحدكم فلوه أو فصيلة حتى تكون كالجبل» وأيضاً تعود على المال بالبركة والتنمية باعتبار الأرباح، ولأن صاحبها يزكو بأدائها. قال الله تعالى: {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} [التوبة: ١٠٣]. قوله: [إخراج [٦] مال] إلخ: تعريف لها بالمعنى المصدري وأما الاسمي فيقال فيه: مال مخصوص مخرج من مال مخصوص إلخ، والمال المخصوص المخرج هو الشاة من الأربعين مثلاً، أو العشر أو نصفه أو ربعه مثلاً. قوله: [من مال مخصوص]: هو النعم والحرث والنقدان. وعروض التجارة والمعادن.

قوله: [بلغ نصاباً]: هو في اللغة الأصل، وشرعاً: القدر الذي إذا بلغه المال


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] زاد بعدها في ط المعارف: (باب الزكاة).
[٢] في ط المعارف: (هي).
[٣] ليست في ط المعارف.
[٤] في ط المعارف: (وقبح).
[٥] زاد بعدها في ط المعارف: (باب).
[٦] في ط المعارف: (وإخراج).

<<  <  ج: ص:  >  >>