للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إن تم الملك وحول غير معدن وحرث.

فقال: (باب [١] الزكاة) التي هي أحد أركان الإسلام الخمسة (فرض عين على الحر) ذكراً أو أنثى، فلا تجب على الرقيق ولو بشائبة حرية لعدم تمام ملكه.

(المالك للنصاب) فلا تجب على غير مالك كغاصب ومودع حال كون النصاب (من) أجزاء أنواع ثلاثة من الأموال:

(النعم) بفتح النون والعين المهملة أي الأنعام الإبل والبقر والغنم.

(والحرث): الحبوب وذوات الزيوت الأربع. والتمر والزبيب وسيأتي تفصيلها.

(والعين): الذهب والفضة.

فلا تجب في غير هذه الأنواع كخيل وحمير وبغال وعبيد، ولا في فواكه كتين ورمان، ولا في معادن غير عين كما لا تجب على مالك دون النصاب منها. والمراد أنها تجب على الحر في المال المذكور ولو غير مكلف كصبي ومجنون. والمخاطب بالإخراج وليه فليس التكليف من شروط وجوبها، وقال أبو حنيفة رضي الله عنه: إنما تجب على المكلف كغيرها من أركان الإسلام؛ فلا تجب على صبي ومجنون عنده. وتجب عند غيره على الحر مطلقاً في ماله. والخطاب بها فيه من باب خطاب الوضع: أي متعلق بجعل المال المذكور -إذا توفرت شروطه- سبباً في وجوب زكاته.

فشروط وجوبها أربعة: اثنان عامان في الأنواع الثلاثة وهما: الحرية وملك النصاب. واثنان خاصان ببعضها أولهما: تمام الحول؛ فإنه خاص بالماشية وبالعين من غير المعدن والركاز وإليه أشار بقوله: (إن تم الحول في غير الحرث والمعدن والركاز) وغيرهما: هو الماشية والعين. وأما الحرث فتجب فيه بطيبه كما سيأتي؛ وتجب في المعدن بإخراجه، وفي الركاز في بعض أحواله بوضع اليد عليه كما يأتي تفصيله إن شاء الله تعالى. وثانيهما: مجيء الساعي؛ فإنه خاص بالماشية وإليه أشار بقوله: (و) إن (وصل الساعي) إلى محل الماشية

ــ

وجبت الزكاة فيه، وسمي نصاباً أخذاً له من النصب؛ لأنه كعلامة نصبت على وجوب الزكاة.

وقوله: [لمستحقه]: متعلق بإخراج والمستحقون هم الأصناف الثمانية المذكورون في الآية الكريمة.

قوله: [إن تم الملك وحول] إلخ: اختلف في الملك التام، قيل سبب لوجوب الزكاة لا شرط؛ لأنه يلزم من عدمه عدم الوجوب، ومن وجوده وجود السبب بالنظر لذاته، وقال ابن الحاجب: إنه شرط نظراً إلى الظاهر وهو أنه يلزم من عدمه عدم الوجوب ولا يلزم من وجوده وجود الوجوب ولا عدمه لتوقفه على شروط أخر، كالحول والحرية وانتفاء المانع كالدين. وأما الحول فهو شرط بلا خلاف لصدق تعريف الشرط عليه؛ لأنه يلزم من عدمه عدم وجوب الزكاة، ولا يلزم من وجوده وجود وجوبها ولا عدمه لتوقف وجوبها على مال النصاب وفقد المانع كالدين.

قوله: [غير معدن وحرث]: أي وأما هما فلا يتوقفان على الحول، بل وجوب الزكاة في المعدن بالخروج أو بالتصفية وفي الحرث بالطيب وسيأتي.

(وجوب الزكاة) [٢]

قوله: [فلا تجب على الرقيق] إلخ: أي ولو لم يجز لسيده انتزاع ماله كالمكاتب. وكما أنها لا تجب على الرقيق في ماله لا يجب على السيد إخراجها عن الرقيق؛ لأن من ملك أن يملك لا يعد مالكاً. اللهم إلا أن ينتزع المال منه، فيمن يجوز له انتزاعه ويمكث عنده حولاً. قال في المجموع: وفي الشاذلي على الرسالة، قال ابن عبد السلام: عندي أن مال العبد يزكيه السيد أو العبد، لأنه مملوك لأحدهما قطعاً، فكأنه جعلها من فروض الكفاية. إن قلت: قوله تعالى: {ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء} [النحل: ٧٥]: يقتضي أن العبد لا ملك له كما يقول غيرنا، فكيف نقول إنه يملك لكن ملكاً غير تام؟ فالجواب: أن الصفة مخصصة على الأصل لا كاشفة، وهو معنى ما قيل لا يلزم من ضرب المثل بعبد لا يملك أن كل عبد لا يملك. اهـ.

قوله: [كغاصب]: من ذلك الظلمة المستغرقون للذمم؛ لا تجب عليهم زكاة حيث كان جميع ما بأيديهم من أموال الناس.

قول: [النعم]: إما من التنعم: لكونها: يتنعم بها، أو من لفظ نعم: لأن بها السرور كما يسر السائل بقول المجيب: نعم. والنعم اسم جمع لا اسم جنس لأنه لا واحد له من لفظه بل من معناه. واسم الجنس هو الذي: يفرق بينه وبين واحده بالتاء غالباً.

قوله: [والحرث]: سمي حرثاً لأنه تحرث الأرض لأجله غالباً.

قوله: [فلا تجب في غير هذه الأنواع]: أي ما لم تكن عروضاً للتجارة فتزكى زكاة إدارة أو احتكار كما يأتي.

قوله: [ولو غير مكلف]: أي لتعلق الخطاب به وضعاً كما سيقول.

قوله: [والمخاطب بالإخراج وليه]: أي ولى من ذكر من صغير ومجنون؛ فإن خشي غرماً رفع للحاكم المالكي ليحكم له: بلزوم الزكاة لهما: فلا ينفع المجنون والصبي بعد ذلك مذهب أبي حنيفة القائل بعدم وجوبها عليهما، لأن الحكم الأول رفع الخلاف.

قوله: [من باب خطاب الوضع]: وتعريفه عند الأصوليين: جعل الشيء سبباً أو شرطاً أو مانعاً أو صحيحاً أو فاسداً.

قوله: [في الأنواع الثلاثة]: أي النعم والحرث والعين.

قوله: [وملك النصاب]: تقدم فيه خلاف هل هو سبب أو شرط.

قوله: [بطيبه]: والطيب في كل شيء بحسبه.

قوله: [بإخراجه]: هو أحد قولين. وقيل بالتصفية.

قوله: [وفي الركاز في بعض أحواله]:


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] ليست في ط المعارف.
[٢] قوله: (وجوب الزكاة) ليس في ط المعارف.

<<  <  ج: ص:  >  >>