للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا يفيد المراد ولا يفهم منه العلة (شجرة شجرة) هذا أعم من قوله رحمه الله: "نخلة" لأنه لا يشمل العنب إلا بتجوز أو حذف للعاطف والمعطوف، أي يخرص كل شجرة من النخل أو العنب على حدتها لأنه للصواب أقرب من الضم.

(وكفى) مخرص (واحد) إن كان عدلاً عارفاً.

(وإن) تعدد المخرصون و (اختلفوا فالأعرف) منهم يعتبر قوله.

(وإن أصابته) بعد التخريص (جائحة) من أكل طير أو جيش أو برد أو نحو ذلك، (اعتبرت) في السقوط فيزكي ما بقي إن وجبت فيه زكاة وإلا فلا.

(فإن زادت) الثمرة (على قول عارف) بالتخريص (وجب الإخراج عنه): أي عن ذلك الزائد وهو مراد الإمام بالأحب عند الأكثر، وحمله الأقل على ظاهره، وأما غير العارف فلا يعتبر قوله فيخرج عن الزائد وجوباً اتفاقاً.

(وأخذ) الواجب (عن أصنافهما): أي التمر والعنب (من) الصنف (الوسط) لا من الأعلى ولا من الأدنى. ولا من كل نوع للمشقة؛ إلا أن يتطوع المزكي بدفع الأعلى. فإن أخرج من كل منابه أجزأ لا إن أخرج من الأدنى عن الأعلى فإن لم يكن إلا صنف أو صنفان تعين الإخراج منه أو منهما. وهذا (بخلاف غيرهما): أي التمر والعنب من سائر الحبوب، (فمن كل) من أصنافها يؤخذ (بحسبه) أي بقدره قل أو كثر. ولا يجزئ الأخذ من الوسط، فإن أخرج الأعلى أو المساوي أجزأ وإلا فلا.

ولما أنهى الكلام على زكاة الماشية والحرث شرع في الكلام على زكاة العين فقال:

(وفي مائتي درهم): شرعي فأكثر -وهي بدراهم مصر لكبرها- مائة وخمسة وثمانون ونصف وثمن درهم.

(أو عشرين ديناراً شرعية فأكثر) إذ لا وقص في العين كالحرث.

(أو مجتمع منهما) أي من الدراهم والدنانير كمائة درهم وعشرة دنانير حال كون ما ذكر منهما.

(غير حلي جائز)

ــ

فيه مجاز الأول لأنه حين التخريص لم يكن تمراً.

قوله: [لا يفيد المراد] إلخ: أجيب عنه: بأنه أطلق الملزوم -وهو الاختلاف- وأراد لازمه، وهو الاحتياج. لأنه يلزم من اختلاف الحاجة وجود أصل الاحتياج. وفي الحقيقة هذه العلة شرط ثان لا بد منه، ولذلك ساقها في المجموع مساق الشرط.

قوله: [إلا بتجوز]: أي من إطلاق الخاص وإرادة العام.

قوله: [أو حذف]: أي أو عنبة ففيه اكتفاء.

وقوله: [شجرة] إلخ: منصوب على الحال بتأويله ب مفصلاً مثل باباً باباً.

قوله: [لأنه للصواب أقرب من الضم]: فإن جمع أكثر من نخلة. فإن اتحدت في الجفاف جاز ولو اختلفت الأصناف وإلا فلا. ففي المفهوم تفصيل.

قوله: [وكفى مخرص واحد]: أي لأنه حاكم فيجوز أن يكون واحداً. «وكان عليه الصلاة والسلام يبعث عبد الله بن رواحة وحده خارصاً إلى خيبر».

قوله: [فالأعرف منهم يعتبر قوله]: أي سواء كان رأي الأقل أو الأكثر. والموضوع أنه وقع التخريص منهم في زمن واحد. وأما إذا وقع التخريص في أزمان فيؤخذ بقول الأول، فقوله: "الأعرف" مفهومه: لو استووا في المعرفة لا يكون الحكم كذلك، بل يؤخذ من كل واحد جزء على حسب عددهم، فإن كانوا ثلاثة أخذ من قول كل الثلث وأربعة الربع وهكذا.

قوله: [وهو مراد الإمام] إلخ: قال فيها: ومن خرص عليه أربعة أوسق فوجد خمسة فأحب إلي أن يزكي لقلة إصابة الخراص اليوم، فقول الإمام: "أحب إلي أن يزكي". حمله بعض الأشياخ على الوجوب كالحاكم يحكم ثم يظهر أنه خطأ صراح، وهذا حمل الأكثر. وحمله بعض على الاستحباب كابن رشد وعياض لتعليله بقلة إصابة الخراص. فلو كان على الوجوب لم يلتفت إلى إصابة الخراص ولا إلى خطئهم. وهذا الموضع أحد مواضع من المدونة حمل فيها أحب على الوجوب. ومنها: ولا يتوضأ بشيء من أبوال الإبل وألبانها. ولا بالعسل الممزوج، ولا بالنبيذ، والتيمم أحب إلي من ذلك، ومنها قولها في العبد يظاهر: أحب إلي أن يصوم، ومنها قولها في السلم الثاني إذا باع الوكيل بغير العين: أحب إلي أن يضمن، وفي السلم الثلث في النصراني يبيع الطعام قبل قبضه وقد اشتراه من مثله: أحب إلي ألا يشتريه مسلم حتى يقبضه من النصراني، ومنها قولها في استبراء الأمة الرائعة يغيب عليها غاصب: أحب إلي أن يستبرئها. وفي الحج الثالث: أحب إلي أن يصوم مكان كسر المد يوماً، وفي الصلاة وإن صلى بقرقرة ونحوها أو بشيء مما يشغل: أحب له الإعادة أبداً، وفي الحجر - ولا يتولى الحجر إلا القاضي - قيل: فصاحب الشرطة؟ قال: القاضي أحب إلي، وفي السرقة: أحب إلي أن لا تقطع الآباء والأجداد لأنهم آباء، ولأن الدية تغلظ عليهم. اهـ. خرشي.

قوله: [من الصنف الوسط]: أي لقول المدونة: وإذا كان في الحائط أجناس من التمر أخذ من وسطها. اهـ. وقيس على التمر العنب.

قوله: [فإن لم يكن إلا صنف] إلخ: أي فالصنف والصنفان بمنزلة أصناف الحب. يؤخذ من كل صنف قسطه، أو يخرج الأعلى أو المساوي عن غيره.

قوله: [درهم شرعي]: قد تقدم أن قدره خمسون وخمسا حبة من الشعير الوسط.

قول: [أو عشرين ديناراً]: قدر الدينار اثنتان وسبعون حبة من وسط الشعير.

قوله: [إذ لا وقص في العين]: أي خلافا لأبي حنيفة حيث قال: لا شيء في الزائد على النصاب حتى يبلغ أربعة دنانير في الذهب أو أربعين درهماً في الفضة.

قول [كالحرث]: أي بخلاف الماشية والفرق أن الماشية - لما كانت تحتاج إلى كثرة - كلفة خفف عن صاحبها بخلاف الحرث فكلفته يسيرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>