للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رب العين (فلا زكاة) في العين التي عنده حتى يحول الحول، لما تقدم في الذي قبله. وهذا التصريح بمفهوم قوله: "إن حال حوله".

ثم شرع في الكلام على زكاة المعدن فقال:

(ويزكى معدن العين): الذهب والفضة (فقط) لا معدن نحاس أو رصاص أو زئبق أو غيرها.

(وحكمه) أي المعدن (مطلقاً) سواء كان معدن عين أو غيره (للإمام) أي السلطان أو نائبه يقطعه لمن شاء من المسلمين، أو يجعله في بيت المال لمنافعهم لا لنفسه (ولو) وجد (بأرض) شخص (معين) ولا يختص به رب الأرض (إلا أرض الصلح)، إذا وجد بها معدن (فلهم). ولا نتعرض لهم فيه ما داموا كفاراً فإن أسلموا رجع الأمر للإمام.

(ويضم) في الزكاة (بقية العرق) المتصل لما خرج أولاً، فإن بلغ الجميع نصاباً فأكثر زكاه إن اتصل العمل بل: (وإن تراخى العمل) والزكاة بإخراجه أو بتصفيته: قولان. وعلى الثاني: لو أنفق شيئاً قبل تصفيته أو ضاع شيء أو تلف لم يحسب. وعلى الأول يحسب.

ــ

فلا زكاة، قال شارحه: لأن عشرين السنة الأولى لم يتحقق ملكه لها إلا الآن، فلم يملكها حولاً كاملاً، فإذا مر الحول الثاني زكى عشرين. وإذا مر الثالث زكى أربعين إلا ما نقصته الزكاة. وإذا مر الرابع زكى الجميع. فموضوع المسألة أنه أجر نفسه ثلاث سنين بستين ديناراً وقبضها، وحكم زكاتها ما علمت.

فائدتان:

الأولى من كان له مائة محرمية ومائة رجبية وعليه مائة دينار وجب عليه زكاة المحرمية عند حولها، وتسقط عنه زكاة الرجبية لأن عليه مثلها.

الثانية من وقف عيناً للسلف يأخذها المحتاج ويرد مثلها يجب على الواقف زكاتها لأنها على ملكه فتزكى كل عام ولو بانضمامها لماله، وإلا أن تسلف فتزكى لعام واحد بعد قبضها من المدين كزكاة الدين، ولو مكثت عنده أعواماً. وكذلك من وقف حباً ليزرع كل عام في أرض مملوكة أو مستأجرة، أو حوائط ليفرق ثمرها فيزيد الحب والثمر إن كان فيه نصاب، ولو بالضم لحب الواقف وثمرة. وكذلك وقف الأنعام لتفرقة لبنها أو صوفها أو الحمل عليها أو لتفرقة نسلها، فإن الجميع تزكى على مالك الواقف إن كان فيها نصاب ولو بالانضمام لمال ولا فرق بين كون الموقوف عليهم معينين أو غيرهم، ويقوم مقام الواقف ناظر الوقف في جميع ما تقدم إلا أنه يزكيها على حدتها إن بلغت نصاباً، ولا يتأتى الضم لماله لأنه ليس مالكاً.

قوله [ويزكى معدن العين]: يشترط فيه ما يشترط في الزكاة من حرية المالك له وإسلامه، ولا مرور الحول. وهذا هو الذي قدمه أول الباب تبعاً لخليل وابن الحاجب. وقيل: لا يشترط فيه حرية ولا إسلام وأن الشركاء فيه كالواحد، قال الجزولي وهذا هو المشهور. نقله الحطاب في حاشية الأصل.

قوله [أو غيرها]: أي كالقصدير والعقيق والياقوت والزمرد والزرنيخ والمغرة والكبريت فلا زكاة في شيء من هذه المعادن، إلا إن صارت عروض تجارة فتزكى زكاتها.

قوله [يقطعه لمن شاء من المسلمين]: أي يعطيه لمن يعمل فيه بنفسه مدة من الزمان أو مدة حياة المقطع - بفتح الطاء - وسواء كان في نظير شيء يأخذه الإمام من المقطع أو مجاناً. وإذا أقطعه لشخص في مقابلة شيء كان ذلك الشيء لبيت المال، فلا يأخذ الإمام عنه إلا بقدر حاجته، قال الباجي: وإذا أقطعه لأحد فإنما يقطعه انتفاعاً لا تمليكاً ولا يجوز لمن أقطعه له الإمام أن يبيعه - ابن القاسم. ولا يورث عمن أقطعه له لأن ما لا يملك لا يورث اهـ. (بن) كذا في حاشية الأصل، فقد علمت حكم ما إذا أقطعه لشخص معين، ويجب على ذلك المعين زكاته إن خرج منه نصاب حيث كان عيناً وأما إذا أمر بقطعه لبيت مال المسلمين فلا زكاة فيه لأنه ليس مملوكاً لمعين حتى يزكي.

قوله: [بأرض شخص معين]: أي هذا إذا كان بأرض غير مملوكة كالفيافي أو ما انجلى عنه أهله ولو مسلمين، أو مملوكة لغير معين كأرض العنوة، بل ولو بأرض معين، مسلماً أو كافراً. ويغتفر إقطاعه في الأراضي الأربع إلى حيازة على المشهور، فإن مات الإمام قبلها بطلت العطية كذا في الأصل، ورد المصنف بلو على من قال: إن المعدن الذي يوجد في المملوكة لمعين يكون لمالكها مطلقاً، وعلى من قال: إن كان المعدن عيناً فللإمام وإن كان غير عين، فلمالك الأرض المعين، والمعتمد أنها للإمام، لأن المعادن قد يجدها شرار الناس فلو لم يكن حكمه للإمام لأدى إلى الفتن والهرج.

قوله: [رجع الأمر للإمام]: أي على مذهب المدونة وهو الراجح خلافاً لسحنون القائل إنها تبقى لهم ولا ترجع للإمام.

قوله: [بقية العرق]: يعني أن العرق الواحد من المعدن - ذهباً كان أو فضة. أو كان بعضه ذهباً وبعضه فضة - يضم بعضه لبعض إذا كان متصلاً، فإذا أخرج نصاباً زكى ما يخرج بعد ذلك ولو كان الخارج شيئاً قليلاً ولو تلف الخارج أولاً.

قوله: [بل وإن تراخى العمل]: أي فالمدار على اتصال العرق ولو حصل في العمل انقطاع.

قوله: [قولان]: الأول للباجي واستظهره بعضهم كما قال في الحاشية.

قوله: [وعلى الثاني لو أنفق] إلخ:

<<  <  ج: ص:  >  >>