للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(عن) شخص (مستطيع في) حج (فرض) بأجرة أو لا؛ فالإجارة فيه فاسدة لأنه عمل بدني لا يقبل النيابة كالصلاة والصوم، فالفرض باق على المستنيب.

(وإلا) تكن في فرض بل في نفل أو في عمرة كرهت النيابة، وصحت الإجارة فيما ذكر، وللمستنيب أجر الدعاء والنفقة، وحمل النائب على فعل الخير هذا هو الذي اعتمده الشيخ في التوضيح، وفي المختصر، وضعفه بعضهم وقال المعتمد في المذهب أن النيابة عن الحي لا تجوز، ولا تصح مطلقاً إلا عن ميت أوصى به فتصح مع الكراهة وشبه في الكراهة قوله: (كبدء للمستطيع) أي كما يكره للمستطيع الذي عليه حجة الفرض أن يبدأ (به) أي بالحج (عن غيره) قبل أن يحج عن نفسه بناء على أنه واجب على التراخي، وإلا منع وعلى ما تقدم من اعتماد بعضهم يحمل على ما إذا حج عن ميت أوصى به وإلا لم يصح.

(و) ككراهة (إجارة نفسه): أي الإنسان ذكراً أو أنثى (في عمل الله [١]) تعالى حجاً أو غيره، كقراءة وإمامة وتعليم علم إلا تعليم كتاب الله تعالى.

ــ

الاستطاعة - التي هي شرط في الوجوب عبارة عن إمكان الوصول من غير مشقة عظمت مع الأمن على النفس والمال، ويزاد على ذلك في حق المرأة أن تجد محرماً من محارمها يسافر معها، أو زوجاً لقوله عليه الصلاة والسلام: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر يوماً وليلة إلا ومعها محرم»، وأطلق في المحرم فيعم الذي من النسب والصهر والرضاع. وقوله: "لامرأة" نكرة في سياق النفي؛ فيعم المتجالة والشابة ولا يشترط أن تكون هي والمحرم مترافقين، فلو كان أحدهما في أول المركب والثاني في آخره بحيث إذا احتاجت إليه أمكنها الوصول من غير مشقة كفى على الظاهر كذا في الحاشية. ولا يشترط في المحرم البلوغ، بل المدار على التمييز، ووجود الكفاية.

وهل عبد المرأة محرم مطلقاً نظراً لكونه لا يتزوجها فتسافر معه؟ ورجحه ابن القطان أولاً مطلقاً؟ وهو الذي ينبغي المصير إليه، ورجحه ابن الفرات، أو إن كان وغداً فمحرم تسافر معه وإلا فلا، وعزاه ابن القطان لمالك وابن عبد الحكم وابن القصار، ويقوم مقام الرفقة المأمونة في سفر الفرض فقط كما يؤخذ من الشارح.

تنبيهان: الأول: يزاد في المرأة أنها لا يلزمها المشي البعيد. ويختلف البعد بأحوال النساء، ولا تركب صغير السفن لأنه لا يمكنها المبالغة في الستر عند كالنوم وقضاء الحاجة، وحيث وجدت الاستطاعة بشروطها، فالبحر كالبر إن غلبت السلامة لا إن ساوت العطب، وقيل لا يجب بالبحر لقوله تعالى {يأتوك رجالا وعلى كل ضامر} [الحج: ٢٧] ولم يذكر البحر، فرد بأن الانتهاء لمكة لا يكون إلا براً لبعد البحر منها. ومحل الوجوب بالبحر أيضاً إلا أن يضيع ركن صلاة لكدوخة. وأما عدم ماء الوضوء فسبق جواز السفر مع التيمم، نعم لا بد من ماء الشرب حيث تضر بهم قلته، وفي الخرشي وغيره لا يحج إن لزم صلاته بالنجاسة، قال في المجموع وقد يناقش بالخلاف فيها.

الثاني: لا يجب الحج باستطاعته بالدين ولو من ولده إذا لم يرج الوفاء، أو بعطية من هبة أو صدقة إن لم يكن معتاداً لذلك، ويصح بالمال الحرام مع العصيان.

فائدة: الحج ولو تطوعاً أفضل من الغزو إلا أن يتعين لفجء العدو، أو بتعيين الإمام، أو بكثرة الخوف، فإنه يقدم على الحج ولو فرضاً والأفضل في سفر الحج الركوب، والأفضل أن يكون على القتب رحل صغير للسنة والبعد عن الكبر.

قوله: [عن شخص مستطيع] إلخ: لا مفهوم لقوله "مستطيع في فرض"، بل الاستنابة فاسدة مطلقاً سواء كان المحجوج عنه مستطيعاً أو لا، في فرض أو نفل إن كان حياً كما سيأتي اعتماده في الشارح.

قوله: [كالصلاة والصوم]: أي ولذلك قال في التوضيح: فائدة من العبادة ما لا يقبل النيابة بإجماع كالإيمان بالله، ومنها ما يقبلها إجماعاً كالدعاء والصدقة والعتق ورد الديون والودائع. واختلف في الصوم والحج، والمذهب: أنهما لا يقبلان النيابة اهـ.

قوله: [وضعفه بعضهم]: المراد به (ر) قائلاً المعتمد منع النيابة عن الحي مطلقاً صحيحاً أو مريضاً كانت النيابة في فرض أو في نفل كانت بأجرة أو لا.

قوله: [على ما تقدم من اعتماد بعضهم]: الذي هو (ر) كما تقدم.

قوله: [وإلا لم يصح]: أي مطلقاً كانت النيابة في فرض أو غيره حيث كانت عن حي.

قوله: [وككراهة إجارة نفسه] إلخ: أي لقول مالك: لأن يؤاجر الرجل نفسه في عمل اللبن وقطع الحطب وسوق الإبل، أحب إلي من أن يعمل عملاً لله بأجرة.

قوله: [وتعليم علم]: قال الشيخ في تقريرة: يستثنى منه علم الحساب، فإنه لا كراهة في تعليمه بأجرة، لأنه صنعة يجوز أخذ الأجرة عليه.

قوله: [إلا تعليم كتاب الله تعالى]: أي ومثله الأذان وإن مع الصلاة كذا في المجموع، وظاهره وإن لم تكن الأجرة من وقف، ولا من بيت مال، وفي الحديث: «إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله تعالى»، وذكر الأشياخ الفرق بين العلم والقرآن أن العلم


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (لله)، ولعله الصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>